للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ــ

صفتها، فأما إطلاق ظاهرة الصورة علي الله تعالي فلا يجوز- تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً- ((مظ)): إذا أجريت الصورة علي الله تعالي ويراد بها الصفة كان المعنى إن ربي تعالي كان أحسن إكراماً ولطفاً ورحمة علي من وقت آخر. وإذا أجريت علي النبي صلى الله عليه وسلم كان المعنى أنا في تلك الحالة كنت في أحسن صورة وصفة من غاية إنعامه ولطفه تعالي علي.

((تو)): مذهب أكثر أهل العلم من السلف في أمثال هذا الحديث أن يؤمن بظاهره، ولا يفسر بما تفسر به صفات الخلق، بل ينفي عنه الكيفية، ويوكل علم باطنه إلي الله تعالي فإنه سبحانه يرى رسوله صلى الله عليه وسلم ما يشاء من وراء أستار الغيب مما لا سبيل لأحد إلي إدراك حقيقته بالجد والاجتهاد، فأولي أن لا يتجاوز هذا الحد، فإن الخطب فيه جليل، والإقدام عليه مزلة اضطربت عليه أقدام الراسخين شديد. ولأن نرى أنفسنا أحقاء بالجهل والنقصان. أزكى وأسلم من أن ننظر إليها بعين الكمال، وهذا لعمر الله هو المنهج الأقوم، والمذهب الأحوط، غير أن في زماننا هذا اتسع الخرق علي الراقع، إذ حملت أكثر أبناء الزمان داعية الفتن المستكنة في نفوسهم علي الخوض في هذه الغمرة، حتى لو ذكر لهم مذهب السلف سارعوا إليه بالطعن، وإذا عجزوا عن التأويل لغموض المراد ولقصورهم في علم البلاغة أفضى بهم ذلك إلي التكذيب، حتى صار العدول عن التأويل في هذا الزمان مظنة للتهمة في العقائد. وذريعة للمضلين إلي توهين السن، فأدت بنا هذه القضية إلي سلوك هذا المسلك الوعر، واختيار التأويل، فنقول- والله الموفق لإصابة الحق- ثم ذكر الشيخ ما سبق من الأقوال في تأويل الصورة.

قوله: ((الملأ الأعلي)) ((نه)): الملأ الأعلي الملائكة. ((تو)): وصفوا بذلك إما اعتباراً بمكانهم، أو مكانتم، والمراد بالاختصام التقاول الذي كان بينهم في الكفارات والدرجات، شبه تقاولهم في ذلك وما يجري بينهم في السؤال والجواب بما يجري بين المتخاصمين. ((قض)): واختصامهم إما عبارة عن تبادرهم إلي ثبت تلك الأعمال والصعود بها إلي السماء وإما عن تقاولهم في فضلها وشرفها وأناقتها علي غيرها، وإما عن اغتباطهم الناس بتلك الفضائل؛ لاختصاصهم بها، وفضلهم علي الملائكة بسببها، مع تهافتهم في الشهوت، وتماديهم في الجنايات، والوجهان الأخيران ذكرهما الشيخ التوربشتي أيضاً.

قوله: ((فوضع كفه)) ((قض)): هو مجاز في تخصيصه إياه بمزيد الفضل عليه، وإيصال فيضه إليه؛ لأن ديدن الملوك إذا أرادوا أن يدنوا إلي أنفسهم بعض خدمهم وتسرهم بعض أحوال مملكتهم يلقون أنفسهم علي ظهره ويلقون أنفسهم علي ظهره ويلقون سواعدهم علي عنقه تلطفاً به، وتعظيماً لشأنه وتنشيطه له في فهم ما يقوله. فجعل ذلك حيث لا كف ولا وضع حقيقة، كناية عن التخصيص لمزيد الفضل والتأييد، وتمكين للملهم في الروع. قوله: ((فوجدت بردها بين ثديي)) كناية عن

<<  <  ج: ص:  >  >>