للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القراءة ما تقول؟ قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد)). متفق عليه.

٨١٣ - وعن علي، رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلي الصلاة- وفي رواية: كان إذا افتتح الصلاة- كبر. ثم قال: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله

ــ

لي ذنب وخطيئة فباعد بيني وبينه، وإن أريد بها الأولي كان معناه المحو والغفران، وإليه الإشارة بقوله: ((واغسل خطاياي بالماء والثلج)).

قوله: ((إسكاته)) ((حس)): الإسكات إفعال من السكوت، لا يراد به ترك الكلام، بل رفع الصوت؛ لقوله: ((ما تقول في إسكاتك)) بالنصب مفعول فعل، أي أسألك إسكاتك ما تقول فيه؟ أو في إسكاتك ما تقول؟ فنصب علي نزل الخافض.

قوله: ((بأبي أنت)) ((نه)): الباء متعلقة بمحذوف، قيل: هو اسم، فيكون ما بعده مرفوعاً، تقديره أنت مفدي بأبي وأمي. وقيل: هو فعل، وما بعده منصوب، أي فديتك بأبي وأمي، وحذف هذا المقدر تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وعلم المخاطب به.

قوله: ((بالماء والثلج والبرد)) ((تو)): ذكر أنواع المطهرات المنزلة من السماء، التي لا يمكن حصول الطهارة الكاملة إلا بأحدها، تبياناً لأنواع المغفرة التي لا مخلص من الذنوب إلا بها، أي طهرني من الخطايا بأنواع مغفرتك التي هي في تمحيص الذنوب بمثابة هذه الأنواع الثلاثة في إزالة الأنجاس والأوزار، ورفع الجنابة والأحداث. أقول: ويمكن أن يقال: ذكر الثلج والبرد بعد الماء المطلوب منهما شمول أنواع الرحمة بعد المغفرة لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحراة، لأن عذاب النار تقابله الرحمة، ونظيره قوله: برد الله مضجعه، أي رحمه ووقاه عذاب النار. وقولهم: برد الله عين بنيه، أي سره، وسخن الله عين عدوك، أي أحزنه. فعلي هذا التقدير يكون التركيب من باب قوله: متقلداً سيفاً ورمحاً. أي اغسل خطاياي بالماء، أي اغفرها، وزد علي الغفران شمول الرحمة، ثم طلب المباعدة بينه وبين الخطايا، ثم طلب تنقية ما عسى أن يبقى شيء من تلك الخطايا تنقية تامة، ثم سأل ثالثا بعد الغفران غاية الرحمة تحلية بعد التحلية، فيكون هذا التأويل أجمع. والله أعلم.

الحديث الثاني عن علي رضي الله عنه: قوله: ((وجهت وجهي)) ((قض)): أي توجهت بالعبادة، بمعنى أخلصت عبادتي له، ((فطر السموات والأرض)) أي خلقها من غير مثال سبق ((حنيفاً)) مائلاً عن الأديان الباطلة، والآراء الزائغة- من الحنف وهو الميل، و ((نسكي))

<<  <  ج: ص:  >  >>