٨١٤ - وعن أنس: أن رجلاً جاء فدخل الصف، وقد حفزه النفس، فقال الله أكبر، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال:((أيكم المتكلم بالكلمات؟)) فأرم القوم. فقال:((أيكم المتكلم بالكلمات؟)) فأرم
ــ
وقوله:((أنا بك)) أي أعتمد وألوذ إليك أي أتوجه وألتجئ، ((تباركت)) تعاظمت وتمجدت، أو جئت بالبركة. وأصل الكلمة الدوام والثبات، ولا تستعمل هذه الكلمة إلا لله تعالي. و ((تعاليت)) عما تتوهمه الأوهام، وتتصوره العقول، ((ولا منجا إلا إليك)) لا مهرب ولا مخلص ولا ملاذ لمن طالبته إلا إليك. و ((منجا)) مقصور ولا يجوز أن يمد، ولا أن يهمز والأصل في الملجأ الهمزة، ومنهم من يلين همزته [ليزاوج] منجا.
قال صاحب النهاية في قوله:((والشر ليس إليك)): هذا الكلام إرشاد إلي استعمال الأدب في الثناء علي الله تعالي أن يضاف إليه محاسن الأشياء دون مساوئها، وليس المقصود نفي شيء عن قدرته، ومنه قوله تعالي:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}.
قوله:((لا إله إلا أنت)) إثبات للإلهية المطلقة لله تعالي علي سبيل الحصر، بعد إثبات الملك له. كذلك في قوله:((أنت الملك))؛ لما دل عليه تعريف الخبر باللام، ترقيا من الأدنى إلي الأعلي، طبق قوله تعالي:{ملك الناس إله الناس}. وإنما أخر الربوبية في قوله:((أنت ربي)) لتخصيص الصفة وتقييدها بالإضافة إلي نفسه، وإخراجها عن الإطلاق. وقوله:((واعترفت بذنبي)) حال مؤكدة مقررة. لمضمون الجملة السابقة. ((وأنا بك وإليك)) أي بك وجدت، وإليك أنتهي، أي أنت المبتدأ والمنتهي.
قوله:((بعد)) أي ذلك، صفة لـ ((شيء)) ((مظ)): أي بعد السموات والأرض، أي لك من الحمد ملء السموات، وملء الأرض، وملء غيرهما مما شئت. ((ما قدمت وما أخرت)) أي جميع ما فرط مني.
قوله:((أنت المقدم)) ((مظ)): أنت توفق بعض العباد للطاعات، ((وأنت المؤخر)) أي تخذل بعضهم عن النصرة والتوفيق، أو المعنى أنت الرافع والخافض، والمعز والمذل.
الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((حفزه)) ((تو)): أي اشتد به، والحفز تحريك الشيء من خلفه، يريد النفس الشديد المتتابع، كأنه يحفزه، أي يدفعه من السباق إلي الصلاة.
قوله:((فأرم)) ((مح)): هو بفتح الراء وتشديد الميم، أي سكتوا. قال القاضي عياض: قد روى في غير صحيح مسلم بالزاي المفتوحة وتخفيف الميم من الأزم، وهو الإمساك وهو صحيح معنى.