للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٠ - وعن أبي حميد الساعدي، قال: قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قولوا: اللهم صل علي محمد وأزواجه وذريته كما صليت علي آل إبراهيم، وبارك علي محمد وأزواجه وذريته، كما باركت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)). متفق عليه.

ــ

استقلالا، وأما غيرهم فالجمهور علي عدم الجواز ابتداء، وقيل: إنه حرام، وقيل: إنه مكروه، وقيل: هو ترك الأولي. والصحيح أنه مكروه كراهة تنزيه؛ لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن ذلك. وقال أصحابنا: المعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في لسان السلف بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما أن قولنا: عز وجل مخصوص بالله سبحانه وتعالي، فكما لا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً، لا يقال: أبو بكر وعمر صلي الله عليهما وإن صح معناه. واتفقوا علي جواز جعل غير الأنبياء تبعا لهم في الصلاة، وأما السلام فقال أبو محمد الجويني: هو مثل الصلاة لا يستعمل في الغائب غير الأنبياء، سواء كان حيا أو ميتا، لا يقال: علي عليه السلام والله أعلم.

الحديث الثاني عن أبي حميد: قوله: ((اللهم صل علي محمد)) فإن قلت: كيف يطابق قوله: صل علي محمد وأزواجه وذريته، قوله: كما صليت علي آل إبراهيم حيث لم يذكر فيه إبراهيم كما ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم؟ أجاب القاضي: الآل مقحم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: ((إنه أعطي مزماراً من مزامير آل داود))، ولم يكن له آل مشهور بحسن الصوت.

أقول: يمكن أن يقال: إن هذا الحديث يساعد القول الأول في الحديث السابق أن السؤال كان عن الصلاة علي الأهل، فيكون تقدير قوله: كيف نصلي عليك؟ أي علي أهلك، علي هذا يكون ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في الجواب في الحديثين تمهيداً لذكر الأهل تشريفاً لهم، وتكريما. كما قال الله سبحانه وتعالي: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} أي بين يدي رسوله. ((الكشاف)): هو يجري مجرى قولك: سرني زيد وحسن حاله. وأعجبت بعمر وكرمه، وفائدته الدلالة علي قوة الاختصاص، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله بالمكان الذي لا يخفي سلك به ذلك المسلك، وإنما ترك ذكر إبراهيم في هذه القرينة وأجرى الكلام علي مقتضى الظاهر لينبه علي هذه الدقيقة، ولو ذكر لم يفهم أنه ذكر محمداً صلى الله عليه وسلم تمهيداً.

قوله: ((وبارك علي محمد)) ((نه)): أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه، ونطلق البركة أيضاً علي الزيادة، والأصل الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>