للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شتمني، قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن))، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله! إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاءنا الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يأتون الكهان. قال: ((فلا تأتهم)). قلت: ومنا رجال يتطيرون. قال: ((ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم)). قال: قلت: ومنا رجال يخطون. قال ((كان نبي من الأنبياء يخط،

ــ

قوله: ((من كلام الناس)) ((قض)): أضاف الكلام إلي الناس ليخرج منه الدعاء والتسبيح فإنه لا يراد بها خطاب الناس وإفهامهم. ((حس)): لا يجوز تشميت العاطس في الصلاة، فمن فعل بطلت طلاته. وفيه أن كلام الجاهل بالحكم لا يبطلها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم علمه كيفية الصلاة، ولم يأمره بإعادتها، وعليه أكثر العلماء التابعين، وبه قال الشافعي وذهب إليه ابن عباس، وابن الزبير، وزاد الأوزاعي وقال: إذا تكلم في الصلاة عامداً لشيء من مصلحة الصلاة- مثل أن قام الإمام في محل القعود، فقال: اقعد أو جهر في موضوع السر فأخبره- لا يبطل صلاته. ((مح)): من قال للعاطس: يرحمك الله، تبطل صلاته، لأنه خاطبه، ولو قال: يرحمه الله، فلا وهو كقولهم: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. وفي قوله: ((فجعلوا يضربون أيديهم علي أفخاذهم)) دليل علي أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة. وفيه أن من حلف أن لا يتكلم فسبح، أو كبر، أو قرأ القرآن لا يحنث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نفي عن الصلاة كلام الناس علي التأكيد، ثم جعلها نفس التسبيح والتكبير والقراءة، علي سبيل الحصر.

قوله: ((أو كما قال)) أي مثل ما قاله من التسبيح والتهليل والدعاء. قوله: ((حديث عهد بجاهلية)) ((مح)): الجاهلية ما قبل ورود الشرع، سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم، والباء فيها متعلقة بـ ((عهد)). والفرق بن الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار الكوائن في المستقبل، ويدعى معرفة الأسرار. والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق، ومكان الضالة ونحوها، ومن الكهنة من يزعم أن جنباً يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدارك الغيب بفهم أعطيه، وأمارات يستدل بها عليه.

قوله: ((يتطيرون)) ((نه)): الطيرة- بكسر الطاء وفتح الياء، وقد يسكن- هي التشأم بالشيء، وهو مصدر تطير، يقال: تطير طيرة، مثل تحيز حيزة، ولم تجيء من المصادر هكذا غيرهما. وأصله- فيما يقال- التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله، ونهي عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع، أو دفع ضر. وقوله: ((فلا يصدنهم)) أي لا يمنعهم مما يتوجهون إليه من المقاصد، أو من سواء السبيل،

<<  <  ج: ص:  >  >>