للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحينئذ يسجد لها الكفار،. ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى ((يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة؛ فإن حينئذ تسجر جهنم. فإذا أقبل الفيء فصل؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب

ــ

قدم المدينة، فارتحل إليه. قوله: ((عن الصلاة)) أي عن وقت الصلاة، بدلالة الجواب عليه.

قوله: ((قرني الشيطان)) ((مح)): هكذا هو في الأصول بلا ألف ولام، وفي بعض أصول مسلم، في حديث ابن عمر بالألف. قيل: المراد بـ ((قرني الشيطان)) حزبه وأتباعه، وقيل: قوته وغلبته، وانتشار الفساد، وقيل: القرنان ناحيتا الرأس، وهذا هو الأقوى، يعني أنه يدني رأسه إلي الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة.

قوله: ((حتى يستقل الظل بالرمح)) ((مح)): أي يقوم مقابله في جهة الشمال، ليس مائلاً إلي الغرب ولا إلي الشرق، وهو حالة الاستواء: كذا وجدنا في سائر نسخ المصابيح، حتى في بعض نسخ كتاب مسلم علي هذا الوجه، فعرفت أن الاختلاف فيه من بعض الرواة، ثم أطنب الشيخ فيه. وأما صاحب النهاية فقد وافق الشيخ التوربشتي، حيث قال: يستقل الرمح بالظل أي حتى يبلغ ظل الرمح المغروز في الأرض أدنى غاية القلة والنقص؛ لأن ظل كل شخص في أول النهار يكون طويلاً؛ ثم لا يزال ينقص حتى يبلغ أقصره، وذلك عند انتصاف النهار، فإذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخل وقت الظهر، وتجوز الصلاة، ويذهب وقت الكراهية، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي سمي ظل الزوال؛ أي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء، وهو موجود قبل الزيادة، فقوله: ((يستقل الرمح بالظل)) هو من القلة لا من الإقلال والاستقلال الذي بمعنى الارتفاع والاستبداد، يقال: تقلل الشيء واستقله وتقاله إذا رأه قليلاً.

وأقول: لما وجد الشيخ في بعض نسخ مسلم علي ما هو عليه رواية المصابيح، وكذا وجدناه في صحيح مسلم، وكتاب الحميدي، وشرحه للشيخ محيي الدين النواوي- كيف يرده؟ علي أن له محامل: أحدهما علي ما ذكره من أن معنى يستقل الظل بالرمح أنه يرتفع معه، ولا يقع منه شيء علي الأرض، من قولهم: استقلت السماء ارتفعت. وثإنيها أن يكون المضاف محذوفاً، أي يعلم قلة الظل بواسطة ظل الرمح. وثالثها أن يكون من باب: عرضت الناقة علي الحوض، وطينت بالفدن السياعا، والسياع الطين، والفدن القصر، وقوله: فيكب فيعثر.

قال صاحب المفتاح: ولا يشجع علي القلب إلا كمال البلاغة، مع ما فيه من المبالغة بأن الرمح صار بمنزلة الظل في القلة والظل بمنزلة الرمح.

قوله: ((فإن حينئذ تسجر جهنم)) ((غب)): السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه

<<  <  ج: ص:  >  >>