لها، وإن كانت لنظر الخلق فكذلك، وقد نص به صريحا في قوله: صلى الله عليه وسلم: (والخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل على وزر، قال: فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، وأما الذي هي ستر فرجل ربطها تغنيّا وتعففا، وأما الذي عليه وزر فرجل ربطها فخرَا ورياء)). وعلي هذا المعنى ينبغي أن يحمل ما بعد الفاء التفصيلية؛ لأنه لن يكون المفصل خلاف المجمل، وكذلك عكسه، فإذا المعني بالهجرة الهجرة المعروفة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) لقوله: ((لا هجرة بعد الفتح))، ومعلوم أن الهجرة لا تقتضي إلا الإخلاص؛ لأن الهجرة إلى الدنيا وإلى المرأة لا يقتضيان النية التي في الطهارة مثلا، وفي تكرير لفظة:((إلى الله ورسوله)) في الشرط والجزاء تعظيم لمعنى تلك الهجرة، وتفخيم لشأنها، أي هي الهجرة الكاملة التي تستحق أن تسمى هجرة، وأن ما سواها ليست بهجرة، ولم تكن كذلك إلا أن تكون خالصة لوجه الله، كقوله تعالى:((يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)) أي وإن لم تبلغ فما بلغت رسالته، يعني ارتكبت أمرًا عظيما، وخطبا جسيما، ولهذا السر غير العبارة في متعلق الجزاء الثاني بلفظة:((ما)) حظا من منزلتها، أي ليست هجرته من الله في شيء، فإنه ما طلب بها وجه الله، بل طلب الدنيا، فله ما طلب، كما هو حال الرجل الذي قصد نكاح تلك المرأة، وعطف قوله:((أو امرأة يتزوجها)) على ((دنيا يصيبها)) وهي مشتملة على مالها وجمالها وما يتعلق بها من الشهوات، تخصيصًا بعد التعميم؛ لبدل على أن النساء أعظمها ضرّا وأكثرها تبعة، كقوله تعالى:((زين للناس حس الشهوات من النساء)) الآية، جعلهن من الشهوات حيث بين الشهوات بها.
وقول لشيخ محيي الدين:((إنما موضوعة للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه)) مستقيم، إذ لم يتعرض في قوله "إن" للإثبات و"ما" للنفي، كما صرح به الأكثرون وهو غير مستقيم؛ لأن "ما" ليست نافية، بل هي كافة مؤكدة. وروى صاحب المفتاح عن علي بن عيسى الربعي أن إفادة الحصر من "إنما" كانت من أن "إن" كانت لتأكيد إثبات المسند للمسند إليه إليه، ثم اتصلت بها "ما" المؤكدة- لا النافية على ما يظنه من لا وقوف له بعلم النحو - ضاعف تأكيدها، فناسب أن يضمن معنى القصر.
وأصل الهجرة مفارقة الأوطان والأهل. ثيل: الهجرة أنواع: الأولى: الهجرة إلى الحبشة عندما آذى الكفار الصحابة، الثانية: الهجرة من مكة إلى المدينة، والثالثة: هجرة القبائل إلى