الأعلى)). ثم رفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً من سجوده، وكان يقول:((رب اغفر لي، رب اغفر لي)). فصلي أربع ركعات قرأ فيهن (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) أو (الأنعام)، شك شعبة. رواه أبو داود. [١٢٠٠]
١٢٠١ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)). رواه أبو داود. [١٢٠١]
ــ
هو العالي فوق خلقه. وقوله:((من قيامه)) بيان لـ ((نحواً)) أي مثلاً. اعلم أن بعض أفعال هذا الحديث وارد علي الماضي، وهي ظاهرة، وبعضها علي المضارع حكاية للحال الماضية استحضاراً لها في ذهن السامع.
الحديث الثاني عن عبد الله بن عمرو بن العاص: قوله: ((من قام بعشر آيات)) أي أخذها بقوة وعزم من غير فتور، ولا توان، من قولهم: قام بالأمر، وقامت الحرب علي ساقها. فيكون كناية عن حفظها، والدوام علي قراءتها، والتفكر في معإنيها، والعمل بمقتضاها. وإليه الإشارة بقوله:((لم يكتب من الغافلين)) أي لم يثبت اسمه في الصحيفة في زمرة الغافلين.
فإن قلت: بين لي التفاوت بين المراتب الثلاث. قلت: الأولي مشعرة: بأن صاحب عشر آيات إذا قام بها خرج من زمرة الغفلة من العامة، ودخل في زمرة {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}. وصاحب مائة داخل في جملة من قيل في حقهم:{وكانت من القانتين}، {أمة قانتاً لله حنيفاً} أي من الذين قاموا بأمر، ولزموا طاعته، وخضعوا له. وأعلاها صاحب ألف؛ لأنه داخل في غمار عمال الله في أرضه، الذين بلغوا في حيازة المثوبات مبلغ المقنطرين في حيازة الأموال، ولا ارتياب أن القيام بقراءة القرآن في كل آوان لها مزايا وفضائل. وأعلاها: أن يكون في الصلاة، لاسيما إذا أنشأت بالليل {إن ناشيءة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا}. ومن ثم أورد محيي السنة الحديث في باب صلاة الليل. وقوله:((من المقنطرين)) قال أبو عبيدة: لا نجد العرب تعرف وزن القنطار، وما نقل عن العرب المقدار