للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا بكر! مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك)). قال: قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله! وقال لعمر: ((مررت بك وأنت تصلي رافعاً صوتك)). فقال: يا رسول الله! أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً) وقال لعمر: ((اخفض من صوتك شيئاً)). رواه أبو داود، وروى الترمذي نحوه. [١٢٠٤]

١٢٠٥ - وعن أبي ذر، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح بآية، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}. رواه النسائي، وابن ماجه.

١٢٠٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلي أحدكم ركعتي الفجر، فليضطجع علي يمينه)). رواه الترمذي، وأبو داود. [١٤٠٦]

ــ

الحديث السادس عن أبي ذر. قوله: ((أصبح بآية)) متعلق بـ ((قام)) كما مر. المعنى: أخذ يقرأ هذه الآية من لدن قيامه ويواظب عليها ويتفكر في معإنيها مرة بعد أخرى، حتى أصبح. وما ذلك إلا لما اشتملت علي قدرة كاملة، وعزة قاهرة، وحكمة بالغة. وذلك أن المسيح عليه السلام لما رأي من قومه اتخاذهم إياه وأمه إلهين من دون الله، ونسبة الولد والزوجة إليه- تعالي عن ذلك علواً كبيراً التي {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا} تفكر أن هؤلاء لا يستحقون إلا العذاب، وما ينقذهم من النار أحد، ولا يتصور فيهم الغفران. ثم تأمل في جلال الله وعزته، وكبريائه وعظمته، وعلمه وحكمته، فقال ما قال، أي لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا العزيز القاهر الذي ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه، وإلا الحكيم الخبير الذي يعلم ما يخفي علي غيره ولا يحوم حوله فهم العقلاء، ولا يدرك كنهه درك الألباء. وفيه سر آخر: وهو أنه تعالي لما ذكر العذاب، علله بوصف العباد، وأنهم مملوكون، وهو مالكهم يتصرف في ملكه كيف شاء، لا ظلم ثمة، ولا جور. ولما ذكر الغفران: علله بوصف نفسه من العزة والغلبة، والعلم، والحكمة. فهما كالعلة لنفي الجور والظلم، يعني أنه وإن تصرف في ملكه كيف يشاء، لكن ذلك عن حكمة بالغة وإن خفي عن الخلق، كما عليه مذهب أهل السنة والجماعة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>