١٣٢٣ - وعن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال: في
ــ
يدل علي جواز إيقاعهما في الأوقات المكروهة. ((مظ)): هذا لا يدل علي تفضيل بلال علي العشرة المبشرة فضلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما سبقه للخدمة، كما يسبق العبد سيده، وسؤاله تطييب لقلبه بإخباره باستحقاقه الجنة؛ ليداوم عليها، ولإظهار رغبة السامعين.
((تو)): هذا شيء كوشف به صلى الله عليه وسلم من عالم الغيب في نومه، أو يقظته، ونرى ذلك- والله أعلم- عبارة عن مسارعة بلال إلي العمل الموجب لتلك الفضيلة قبل ورود الأمر عليه، وبلوغ الندب إليه. وذلك مثل قول القائل لعبده: تسبقني إلي العمل، أي تعمل قبل ورود أمري عليك.
أقول: هذا التأويل لا ينافي قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} كما أن التقدم بين يدي الرجل خارج عن صفة المتابع المنقاد، جعله تصويراً للهجنة فيما نهوا عنه من الإقدام علي ما يحكمان به؛ لأن الآية واردة في النهي عما لا يرضي الله تعالي ورسوله به، كما يشهد له سبب النزول. والحديث ليس كذلك؛ ومن ثم قرره علي ذلك، واستحمده عليه.
الحديث الثاني عن جابر: قوله: ((أستخيرك)) ((نه)): الاستخارة طلب الخير في الشيء، وهي استفعال من الخير، ضد الشر. وقوله:((أستقدرك)) أي أطلب منك أن تجعل لي قدرة. وقوله:((فاقدره)) أي اقض به وهيئة.
وأقول: قوله: ((من غير الفريضة)) بعد قوله: ((كما يعلمنا السورة من القرآن)) يدل علي الاعتناء التام البالغ حده بالصلاة والدعاء، وأنهما تلوان للفريضة والقرآن. و ((الباء)) في قوله: ((بعلمك، وبقدرتك)) يحتمل أن تكون للاستعانة، كما هي في قوله تعالي:{بسم الله مجريها ومرساها} أي إني أطلب خيرك مستعيناً بعلمك، فإني لا أعلم فيم خيرتي، وأطلب منك القدرة، فإني لا حول لي ولا قوة إلا بك، وأن تكون للاستعطاف كما في قوله: {رب بما