للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

١٥٠٨ - عن عائشة، قالت: شكا الناس إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلي، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد علي المنبر، فكبر وحمد الله، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم)) ثم قال: ((الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت

ــ

قوله: ((مريعًا)) ((حس)) ذا مرعة وخصب. ويروى ((مربعًا)) بالباء أي منبتًا للربيع، المغني عن الارتياد لعمومه، والناس يربعون حيث شاءوا، ولا يحتاجون إلي النجعة.

ويروى ((مرتعًا)) أي ينبت الله به ما يرتع به الإبل. وكل مخصب مرتع. ومنه قوله: ((يرتع ويلعب)). قوله: ((فأطبقت)) ((حس)) أي ملأت. والغيث المطبق هو العام الواسع. أقول: عقب الغيث، وهو المطر الذي يغيث الخلق من القحط بالمغيث علي الإسناد المجازي، والمغيث في الحقيقة هو الله تعالي. وكذا أتبع مريئًا بمرتعًا – بالتاء – بمعنى ينبت الله تعالي به ما رتع به الإبل. وأكد ((النافع)) بـ ((غير ضار)). وكذا ((عاجلاً)) بـ ((غير آجل)) اعتناء بشأن الخلق، واعتمادًا علي سعة رحمة الله تعالي عليهم، فكما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء، كانت الإجابة طبقًا له حيث أطبقت عليهم السماء، فإن في إسناد الإطباق إلي السماء والسحاب – هو المطبق أيضًا – مبالغة. وعرفها، لينتفي أن ينزل المطر من سماء، أي من أفق واحد من بين سائر الآفاق، لأن كل أفق من آفاقها سماء، والمعنى أنه غمام مطبق أخذ بآفاق السماء إجابة لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن عائشة: قوله: ((قحوط المطر)) مصدر بمعنى القحط، أو جمع القحط. وأضافه إلي المطر ليشير إلي عمومة في بلدان شتى. قوله: ((حاجب الشمس)) أي أول طلوع شعاعها من الأفق. قوله: ((استئخار المطر)) السين للمبالغة، يقال: استأخر الشيء إذا تأخر تأخرًا بعيدًا. قوله: ((عن إبان زمانه)) من إضافة الخاص إلي العام ((نه)): وفي حديث المبعث ((هذا إبان نجومه))، أي وقت ظهوره والنون أصلية، فيكون فعالاً وقيل: هي زائدة، وهي فعلان من أبَّ الشيء، إذا تهيأ للذهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>