١٥٣٨ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: دخلت علي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكًا شديدًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم)) قال: فقلت: ذلك لأن لك أجرين؟ فقال:((أجل)). ثم قال:((ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله تعالي به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها)). متفق عليه.
١٥٣٩ - وعن عائشة، قالت: ما رأيت أحدًا الوجع عليه أشد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
ــ
التعب، والوصب دوام الوجع ولزومه. قوله:((ولا هم ولا حزن)) ((تو)): الهم الحزن الذي يذيب الإنسان، من قولهم: هممت الشحم، فالهم والحزن خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم، أخذ من حزونة الأرض. فعلي هذا الهم أخص وأبلغ من من الحزن. وقيل: الهم يختص بما هو آت، والحزن بما مضى. روى الترمذي: أن وكيعًا قال: لم يسمع في الهم أنه يكون كفارة إلا في هذا الحديث. ((مظ)): الغم الحزن الذي يغم الرجل، أي يصيره بحيث يقرب أن يغمى عليه، والحزن أسهل منه.
قوله:((حتى الشوكة)) ((الكشاف)): شكت الرجل، أشوكه، أي دخلت في جسده شوكة، وشيك – علي ما لم يسم فاعله – يشاك شوكًا. ((مظ)): يجوز رفع الشوكة علي الابتداء، والخبر ((يشاكها)) وجرها علي أن ((حتى)) عاطفة، أو بمعنى إلي، والضمير في ((يشاكها)) مفعوله الثاني، والمفعول الأول مضمر أقيم مقام الفاعل، المعنى حتى الشوكة يشاك المسلم تلك الشوكة.
الحديث الخامس عشر عن عبد الله: قوله: ((وهو يوعك)) ((نه)): هو حرارة الحمى وألمها، وقد وعكه المرض وعكًا فهو موعوك.
قوله:((كما تحط الشجرة)) شبه حالة المريض وإصابة المرض جسده، ثم محو السيئات عنه سريعًا بحالة الشجرة، وهبوب الرياح الخريفية، وتناثر الأوراق منها سريعًا، وتجردها عنها، فهو تشبيه تمثيلي لانتزاع الأمور المتوهمة في المشبه من المشبه به، فوجه التشبيه: الإزالة الكلية علي سبيل السرعة، لا الكمال والنقصان، لأن إزالة الذنوب عن الإنسان سبب كماله، وإزالة الأوراق عن الشجرة سبب نقصانها.
الحديث السادس عشر عن عائشة: قوله: ((الوجع عليه)) مبتدأ وخبره ((أشد)) إلي آخره، والجملة بمنزلة المفعول الثاني لـ ((رأيت))؛ لأنها من دواخل المبتدأ والخبر، والخبر قد يكون جملة و ((من)) زائدة، المعنى: ما رأيت أحدًا أشد وجعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.