١٧٤٣ - وعن عائشة، قالت: لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتلُ ابن حارثة وجعفر وابن رواحة، جلسَ يُعرَفُ فيه الحزنُ، وأنا أنظُرُ من صائر الباب - تَعني شقِّ الباب - فأتاهُ رجلٌ فقال: إنَّ نساء جعفرٍ، وذكر بكاءهنَّ، فأمرَهُ أن ينهاهُنَّ، فذهب، ثمَّ أتاهُ الثانيةَ لم يُطِعْنَهُ، فقال:((انههُنَّ))، فأتاهُ الثالثةَ، قال: والله غلبننا يارسولَ الله! فزعمتُ أنه قال: ((فاحثُ في أفواههِنَّ التراب)) فقلت: أرغَمَ اللهُ أنفكَ، لم تفعل ما أمركَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولم تترك رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم من العناءِ. متفق عليه.
١٧٤٤ - وعن أمِّ سلمةَ، قالت: لما ماتَ أبو سلمة قلت: غريبٌ، وفي أرض غربةٍ، لأبكينَّه بكاءً يُتحدَّثُ عنه فكنتُ قد تهيَّأتُ للبكاء عليه، إِذْ أقبلتِ امرأةٌ تريد أن
ــ
إذا رضي به، فلا يؤمن عليه. ولما كان الغالب علي الفاروق الخوف، وكان حازمًا، والحزم كما ورد سوء الظن، خاف علي نفسه، فقال ما قال، وأصاب المحز، والصديقة رضي الله عنها لمحت إلي مقام الرجاء وحسن الظن بالمؤمنين، فطبقت المفصل. ((ولكل وجهة هو موليها)) والله أعلم.
الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((يعرف فيه الحزن)) حال، أي جلس حزينًا، وعدل إلي قوله:((يعرف)) ليدل علي أنه صلى الله عليه وسلم كظم الحزن كظما، وكان ذلك القدر الذي ظهر فيه من جِبلَّة البشرية. قوله:((من صائر الباب)) أي زى صير كلابن وتامر. وفي الحديث:((من اطلع صير باب فقد دمر)) أي من شقه فدخل.
قوله:((وذكر بكاءهن)) حال عن المستتر في ((فقال)) وحذفت رضي الله عنها خبر ((إن)) من القول المحكي عن جعفر بدلالة الحال، يعني قال ذلك الرجل: إن نساء جعفر فعلن كذا وكذا، مما حظره الشرع من البكاء الشنيع، والنياحة الفظيعة، إلي غير ذلك.
قوله:((لم يطعنه)) حكاية لمعنى قول الرجل، أي فذهب ونهاهن، تم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:((نهيتهن فلم يطعنني)) يدل عليه قوله في المرة الثالثة. ((والله غلبننا)). وقوله:((زعمت)) أي ظننت. ((مج)): الزعم يطلق علي القول المحقق، وعلي الكذب، والمشكوك فيه، وينزل في كل موضع علي ما يليق به. قوله:((فقلت)) أي قالت عائشة للرجل: آذاك الله، فإنك آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كففتهن عن البكاء.
الحديث الخامس عن أم سلمة: قوله: ((غريب)) لأنه كان مكيًا ومات بالمدينة، وقوله: