للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أغنيائِهم فتُردُّ علي فُقرائِهم. فإِنْ هُم أطاعوا لذلك، فإِياكَ وكرائِمَ أموالِهم، واتّقِ دَعْوةَ المظلومِ، فإنَّهُ ليس بينهاَ اللهِ حجابٌ)) متفق عليه. [١٧٧٢]

١٧٧٣ - وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِنْ صاحبِ ذهبٍ ولا فضَّةٍ لا يُؤَدِّي منها حقَّها، إِلا إِذا كانَ يوم القيامةِ صُفِّحتْ صفائحَ منْ نارٍ فأحْمِي

ــ

قوله: ((فإياك وكرائم أموالهم)) ((حس)): فيه دليل علي أنه ليس للساعي أن يأخذ خيار ماله إلا أن يتبرع به رب المال، وليس لرب المال أن بعطي الأردأ، ولا للساعي أن يرضي به فيبخس بحق المساكين، بل حقه في الوسط. قوله: ((صدقة أموالهم)) فيه دليل علي أنه إن تلف المال تسقط الزكاة ما لم يقصر في الأداء وقت الإمكان.

أقول: قوله: ((واتق دعوة المظلوم)) تذييل؛ لاشتماله علي هذا الظلم الخاص من أخذ كرائم الأموال، وعلي غيره مما يتعلق بالمزكي، وعلي هذا المظلوم وغيره. وقوله: ((فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) تعليل للاتقاء، وتمثيل للدعوة لمن يقصد إلي السلطان متظلماً فلا يحجب عنه.

الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يؤدي حقها)) ((تو)): أنث الضمير؛ إما ذهاباً إلي المعنى، إذا لم يرد بهما الشيء القليل، بل جملة وافية من الدراهم والدنإنير، وإما علي تأويل الأموال، وإما عوداً به إلي الفضة، فإنها أقرب كما قال الله تعالي: {الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله} واكتفي ببيان حال صاحبها عن بيان حال صاحب الذهب، أو لأن الفضة أكثر انتفاعاً في المعاملات من الذهب، واشتهر في أثمان الأجناس، ولذلك اكتفي بها في قوله صلى الله عليه وسلم: ((وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)).

قوله: ((صفحت الصفائح)) جمع صفيحة، وهي ما يطبع مما يتطرق، كالحديد والنحاس. و ((الصفائح)) يروى مرفوعاً بـ ((صفحت))، ومنصوباً علي أنه مفعول ثان، وفي الفعل ضمير الذهب والفضة، وأنث: إما بالتأويل السابق، وإما علي التطبيق بينه وبين المفعول الثاني الذي هو هو. والمعنى: إذا لم يؤد صاحب الذهب والفضة حقها يجعل له صفائح من نار، أو جعل الذهب والفضة صفائح من نار. وكأنه تنقلب صفائح الذهب والفضة لفرط إحمائها وشدة

<<  <  ج: ص:  >  >>