للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لأن في "فتاوي القاضي الحسين" قبيل (أدب القضاء): لو قال: (لله عليَّ عتق العبد الكافر). . لا يلزم؛ لجعله الكفر صفة له، بخلاف ما إذا أطلق هذا العبد وكان كافرًا. . فإنه يلزمه، قال: وعلى هذا لو قال: (وقفت على أهل الذمة). . لا يصح، ولو قال: على هؤلاء. . يصح وإن كانوا كفارًا. انتهى.

وقول "المنهاج" [ص ٣١٩]: (فإن وقف على معيّن واحدٍ أو جمع. . اشترط إمكان تمليكه) يقتضي صحة الوقف على القاطع والحربي والمرتد؛ لإمكان تمليكهم، لكنه قال بعد ذلك: (إنه لا يصح على مرتد وحربي في الأصح)، ولو عبر بـ (جماعة) كما في "الروضة" وأصلها (١). . لكان أولى؛ لدخول الاثنين، وقول "الحاوي" [ص ٣٩٥]: (على أهل تمليكه، لا بهيمةٍ وجنينٍ ومرتدٍّ وحربيٍّ) يقتضي أن المرتد والحربي ليسا من أهل التمليك، وفيه نظر، وعلل الرافعي منع الوقف عليهما: بأنهما مقتولان، لا بقاء لهما، والوقف صدقة جارية، فكما لا يوقف ما لا دوام له. . لا يوقف على من لا دوام له (٢).

وقال ابن الرفعة في "الكفاية": ولك أن تقول: وقف ما لا دوام له لا يبقى له أثر بعد فواته، وإذا مات الموقوف عليه أوَّلًا. . انتقل إلى من بعده، فمقصود الوقف حاصل، وهو الدوام، وتبعه في "المهمات".

وقال السبكي: مال ابن الرفعة إلى الصحة، ولا سيما إذا قلنا ببقاء ملك المرتد، والذي قاله صحيح، وما عندي في ترجيح البطلان سوى انتفاء قصد القربة فيمن هو مقتول شرعًا وليس على دين الإسلام، فيقوى عندي البطلان في المرتد والحربي، والصحة في قاطع الطريق وإن تحتم قتله، وقال قبل ذلك: إنه لم ير في قاطع الطريق نقلًا، ولكن توقع البقاء مفقود فيه، فهو من هذه الجهة أولى بالبطلان، ومن جهة كونه مسلمًا يتقرب بإطعامه إلى أن يقتل أولى بالصحة.

قلت: صرح صاحب "البيان" بصحة الوقف على الزاني المحصن، فقال لما حكى تعليل البطلان في الحربي والمرتد: وهذا يبطل بالزاني المحصن؛ فإنه مأمور بقتله، ويصح الوقف عليه (٣).

٢٩٧٣ - قولهم: (لا يصح الوقف على جنين) (٤) لم يحكوا فيه خلافًا، وفي كتب الرافعي والنووي الجزم به (٥)، لكن في "البحر": أن الشيخ أبا محمد حكى في "المنهاج" وجهًا بصحة الوقف عليه كما يملك بالأرث.


(١) فتح العزيز (٦/ ٢٥٥)، الروضة (٥/ ٣١٧).
(٢) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٥٥).
(٣) البيان (٨/ ٦٥).
(٤) انظر "التنبيه" (ص ١٣٦)، و"الحاوي" (ص ٣٩٥)، و"المنهاج" (ص ٣١٩).
(٥) انظر "فتح العزيز" (٦/ ٢٥٥)، و"الروضة" (٥/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>