للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: صرح به الماوردي، فقال في اختيار البيع: جاز إن كان البيع أحظ من الاستبقاء (١).

ثالثها: ذكر "المنهاج" جميع الضمائر لعودها على ما لا يمتنع، إلا قوله في الخصلة الثانية: (باعه وحفظ ثمنه وعرفها)، وصحح بخطه فوق قوله: (وعرفها)، وهو عائد على اللقطة، ولم يقل: (وعرفه) لئلا يتوهم عوده إلى الثمن، وذكر "الحاوي" جميع الضمائر، ولو أنثاها كما فعل "التنبيه" .. لكان أولى؟ لعودها على اللقطة.

رابعها: قد يفهم من تعبير "المنهاج" استقلال الملتقط بالبيع (٢)، وليس كذلك، وإنما يبيع بإذن الحاكم على الأصح، وقد ذكره "التنبيه" فقال [ص ١٣٣]: (فإن أراد البيع .. دفع إلى الحاكم، فإن لم يكن .. باع بنفسه وحبس ثمنه) و"الحاوي" فقال [ص ٤٠٣]: (باع بالحاكم إن كان).

خامسها: تعبير "التنبيه" في الخصلة الأولى بقوله [ص ١٣٣]: (يُعرفها سنة ثم يتملكها) أحسن من قول "المنهاج" [ص ٣٢٨]: (عرفه وتملكه) لدلالة التعبير بـ (ثم) على أن التملك بعد التعريف، إلا أن تدخل في تعبير "المنهاج" بـ (الواو) الخصلة الرابعة التي حكيناها عن الماوردي، ونقول: عبارته شاملة؛ لتقدم التعريف على التملك، ولتقدم التملك على التعريف، والظاهر: أن ذلك غير مقصود له؛ لأنه لم يحك هذه الخصلة الرابعة في كتبه، بل اقتضى كلامه نفيها، فحكى في "الروضة" تبعا للرافعي فيما لا يؤكل كالجحش ونحوه وجها بجواز التملك في الحال، وصحح: المنع إلا بعد التعريف على ما هو شأن اللقطة (٣).

سادسها: قول "التنبيه" [ص ١٣٣]: (فهو بالخيار بين أن يحفظها على صاحبها ويتبرع بالإنفاق عليها) قد يفهم تعيين التبرع عند إرادة الحفظ، وليس كذلك، بل إن أراد الرجوع .. أنفق بإذن الحاكم، فإن لم يجد حاكمًا .. أشهد كما في نظائره، وقيد الماوردي الرجوع حيث أذن الحاكم، أو أشهد بما إذا لم يكن حمى للمسلمين، فإن كان .. فلا رجوع له، بل هو متطوع بالنفقة.

وقال الروياني: أذن له الحاكم يومًا أو يومين، ولا يزيد على ذلك، فإن جاء صاحبها، وإلا .. باعها. انتهى.

فهذان شرطان لإذن الحاكم في النفقة: فقد الحمى، وعدم الزيادة على يومين، وحكى الماوردي في الرجوع عند الإشهاد للعجز عن الحاكم وجهين (٤)، قال الإمام: ويجوز بيع جزء منها


(١) انظر "الحاوي الكبير" (٨/ ٨).
(٢) المنهاج (ص ٣٢٨).
(٣) الروضة (٥/ ٤٠٣).
(٤) انظر "الحاوي الكبير" (٨/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>