للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٧٣ - قول "التنبيه" [ص ٢٣٦]: (ويبدأ فيه بالمهاجرين، ويقدم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسوي بين بني هاشم وبني المطلب، فإن استوى بطنان في القرب .. قدم من فيه أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بالأنصار، ثم بسائر الناس) فيه أمران:

أحدهما: أن مقتضاه: تقديم المهاجر ولو بَعُدَ نسبه على غيره ولو قرب نسبه، قال في "الكفاية": وهذا لم أره لأحد، فيتعين حَمْلهُ إما على أن يكون أراد بالمهاجرين: قريشاً؛ لأن أكثر المهاجرين منهم، هاما أن يكون فيه تقديم وتأخير، وتقديره: يقدم الأقرب فالأقرب ويبدأ منهم بالمهاجرين، لكن ذكر الرافعي وغيره أنا نقدم عند الاستواء في القرب بالسن، فإن استووا في السن .. قدم أقدمهما هجرة وأفضلهما سابقة، هذا كلام "الكفاية" (١).

ومشى "الحاوي" على ما قاله الرافعي فقال [ص ٤٤٣]: (الأسن، ثم الأسبق إسلاماً وهجرة) لكن قال النووي: قد عكسه الماوردي فقال: يقدم بالسابقة في الإسلام، فإن تقارنا فيه .. قدم بالدين، فإن تقارنا فيه .. قدم بالسن، فإن تقارنا فيه .. قدم بالشجاعة، فإن تقارنا فيه .. فولي الأمر بالخيار بين أن يرتبهم بالقرعة أو برأيه واجتهاده، قال النووي: وهذا الذي قاله هو المختار (٢).

الأمر الثاني: أن مقتضاه: استواء العرب والعجم بعد الأنصار، وليس كذلك؛ فالعرب مقدمون، وقد ذكر "المنهاج" الأمرين على الصواب فقال [ص ٣٦٤، ٣٦٥]: (ويُقدِّم في إثبات الاسم والإعطاء قريشاً - وهو ولد النضر بن كنانة - ويُقدِّم منهم بني هاشم والمطلب ثم عبد شمس ثم نوفل ثم عبد العزى، ثم سائر البطون الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الأنصار، ثم سائر العرب، ثم العجم) وفيه أمور:

أحدها: أن ما ذكره من أن قريشاً هم ولد النضر بن كنانة هو قول الشافعي والأكثرين (٣)، لكن اختار الحافظ شرف الدين الدمياطي وتبعه صاحبه السبكي أنهم ولد فهر بن مالك بن النضر، قال السبكي: ولا يكاد يظهر تفاوت بين القولين.

ثانيها: ما ذكره من تقديم الأنصار على سائر العرب، قال الرافعي: كذا رتبوه، وظاهر لفظ الشافعي يوافقه، وحمله السرخسي على من هم أبعد من الأنصار، فأما من هم أقرب من الأنصار


(١) انظر "فتح العزيز" (٧/ ٣٤٠).
(٢) الروضة (٦/ ٣٦٠)، وانظر "الحاوي الكبير" (٨/ ٤٦٨).
(٣) في حاشية (أ): (أي: كما ادعاه الأستاذ أبو منصور، لكن البيهقي نسب إلى أكثر أهل العلم أنهم ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة). انظر "معرفة السنن والآثار" (٥/ ١٧٢)، و"سنن البيهقي الكبرى" (٦/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>