للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٨٩ - قوله: (ومتى حرم النظر .. حرم المس) (١) قال السبكي: إن تعبير " المحرر " بـ (حيث) (٢) أحسن منه؛ لأن (حيث) اسم مكان، والمقصود هنا: أن المكان الذي يحرم نظره يحرم مسه، و (متى) اسم زمان، وليس مقصودًا هنا.

قال شيخنا ابن النقيب: وقد يقال: إن الزمان أيضًا مقصود؛ فإن الأجنبية يحرم نظرها، فإذا عقد عليها .. جاز، فإذا طلقها .. حرم، وكذلك الطفلة على العكس؛ ولذلك استثنى زمان المداواة والمعالجة. انتهى (٣).

ويستثنى منه: جواز مس الرجل فرج زوجته أو أمته قطعًا، مع تحريم النظر إليه على وجه، ومفهومه: أنه لا يلزم من تحريم المس تحريم النظر، وهو كذلك، فيحرم مس وجه الأجنبية وإن جاز النظر، بل حكى الرافعي عن العبادي، عن القفال: أنه لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها، ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها، ولا أن يقبل وجهها، ولا أن يأمر ابنته أو أخته بغمز رجله (٤)، وفصل السبكي في ذلك؛ فجوز ما كان منه لحاجة أو شفقة، وحرم ما كان لشهوة، قال: وبينهما مراتب متفاوتة؛ فما قرب إلى الأول .. ظهر جوازه، أو إلى الثاني .. ظهر تحريمه، وعبارة " الروضة " تقتضي أنه يحرم مس يد الأم، وهو خلاف الإجماع؛ فإنه قال عطفًا على المحرم: ومس كل ما جاز النظر إليه من المحارم (٥)، وعبارة الرافعي عطفًا على ما لا يجوز: ولا مس كل ما يجوز النظر إليه من المحارم (٦)، وهي عبارة صحيحة، ومقتضاها: أنه لا يجوز مس الكل، بل البعض؛ كقولنا: لا يجوز أن يتزوج كل امرأة: وهو المسمى بسلب العموم، فعبر النووي بالإثبات، فقال: يحرم، وأسنده إلى كل فرد، وهو المسمى عموم السلب، فوقع في الغلط، ذكره في " المهمات ".

وفي " شرح مسلم " للنووي: أن مس رأس المحرم وغيره مما ليس بعورة مجمع على جوازه (٧)، وعبارة " الحاوي " [ص ٤٥٣]: (وحرم للذكر مس شيء من المرأة - شعرها وغيره - وإن أبين، والنظر لا لحاجةٍ ... إلى آخره) ومقتضاها: تسوية المس والنظر إثباتًا ونفيًا، ويرد عليه ما تقدم.


(١) انظر " المنهاج " (ص ٣٧٣).
(٢) المحرر (ص ٢٨٩).
(٣) انظر " السراج على نكت المنهاج " (٥/ ٣٠٩، ٣١٥).
(٤) انظر " فتح العزيز " (٧/ ٤٨٠).
(٥) الروضة (٧/ ٢٨).
(٦) انظر " فتح العزيز " (٧/ ٤٨٠).
(٧) شرح مسلم (١٣/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>