للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخنا الإمام البلقيني: ما قال: إنه الأظهر ليس بمعتمد؛ لأن الولد إذا انعقد من الكافرين الأصليين وله جد مسلم .. يجعل مسلمًا تبعًا لجده، فلأن يتبع حالة أَبويه في الإسلام التي كانت قبل الردة أولى، وتبعية الأَبوين في غير الإسلام إنما تكون في كفر أصلي، والتبعية في الردة ضعيفة أو محالة، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن كل مولود يولد على الفطرة (١)، لم يخرج من ذلك إلَّا مولود الأَبوين الكافرين الأصليين، فبقي ولد المرتدين على الفطرة، فوجب أن يكون مسلمًا، قال: ونصوص الشَّافعي رضي الله عنه قاضية بذلك، ثم بسطه، ثم قال: فوجب القول على مذهب الشَّافعي بأنه مسلم، وبطل القول بانه كافر أصلي؛ لنصه في جميع كتبه على أنَّه لا يسبى، والذين أثبتوا هذا القول قالوا: إنه يسبى، ولم يصح القول بأنه مرتد. انتهى.

واعلم: أن "التنبيه" فرض المسألة فيما إذا كانت الأم كافرة (٢)، و"المهذب" فيما إذا كانت ذمية (٣)، و"المنهاج" فيما إذا كانت مرتدة أيضًا (٤)، وقد يفهم منه: أنَّها لو كانت أصلية .. لا يكون الحكم كذلك، وقد سوى في "البيان" بينهما (٥)، وقال البغوي: لو كان أحدهما مرتدًا والآخر أصليًا؛ فإن قلنا في المرتدين: إنه مسلم .. فكذا هنا، وإن قلنا: مرتدًا وأصلي .. فهو هنا أصلي يقر بالجزية إن كان الأصلي يقر بها (٦).

٥٠٥٤ - قول "التنبيه" [ص ٢٣١]: (وفي استرقاق هذا الولد قولان) هما مبنيان على صفة كفره، فإن قلنا: أصلي .. جاز استرقاقه، وجوز الإمام عقد الجِزيَةَ له إذا بلغ (٧)، ومنعه البغوي وغيره (٨)، وإن قلنا: مرتدًا .. لم يسترق، ولا يقتل حتَّى يبلغ فيستتاب، فإن أصر .. قتل، والأصح: أنَّه مرتد كما تقدم، وأنكر شيخنا الإمام البلقيني القول بأنه كافر أصلي كما تقدم.

٥٠٠٥ - قول "التنبيه" [ص ٢٣١]: (وإن ارتد وله مال .. فقد قيل: فيه قولان، أحدهما: أنَّه باق على ملكه، والثاني: أنَّه موقوف؛ فإن رجع إلى الإسلام .. حكم بأنه له، وإن لم يرجع .. حكم بأنه قد زال بالردة، وقيل: فيه قول ثالث: أنَّه يزول بنفس الردة) الأصح: طريقة إثبات الأقوال الثلاثة، وعليه مشى "المنهاج" (٩)، وأصحها: الوقف، وعليه مشى "المنهاج" تبعًا


(١) انظر "صحيح البخاري" (١٢٩٢)، (١٢٩٣)، و"صحيح مسلم" (٢٦٥٨).
(٢) التنبيه (ص ٢٣١).
(٣) المهذب (٢/ ٢٢٣).
(٤) المنهاج (ص ٥٠٢).
(٥) البيان (١٢/ ٥٩).
(٦) انظر "التهذيب" (٧/ ٢٩٤).
(٧) انظر "نهاية المطلب" (١٧/ ١٧٥).
(٨) انظر "التهذيب" (٧/ ٢٩٣).
(٩) المحرر (ص ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>