للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأئمة القدماء في خصوص المسألة؛ فالصحيح: أنَّه لا يعزر، وجزم به ابن الرفعة في "الكفاية"، وهو المعتمد، ووهم من جعله وهمًا (١).

الثانية: جماع الحائض يعزر فاعله بلا خلاف، كما حكى في "المهمات" التصريح به عن بعض الأصحاب مع القول بوجوب الكفارة، وقد عرفت أن الجديد: عدم الكفارة؛ فالاستثناء إنما هو على القديم.

الثالثة: المظاهر يجب عليه التعزير مع الكفارة، وقال شيخنا الإمام البلقيني: الكفارة تجب بالعود أو الظهار، والعود شرط فيه أو بهما؟ أوجه، فإن قلنا بالعود .. عزر، أو بالظهار .. فالأصح: لا، أو بهما .. فوجهان.

الرابعة: إذا قتل من لا يقاد به؛ كابنه وعبده .. وجب التعزير كما نص عليه في "الأم" مع الكفارة، وأجاب عنه في "المهمات": بأن كفارة القتل ليست للمعصية، بل لإعدام النفس؛ بدليل إيجابها في الخطأ، فيبقى التعمد خاليًا عن زاجر، فأوجبنا فيه التعزير، قال: وهذا يقتضي إيجاب التعزير في محرمات الإحرام إن كانت إتلافًا كالحلق والصيد، دون الاستمتاع كاللبس والطيب؛ ولذلك اتضح ما ذكره الأصحاب من الكفارة والتعزير في اليمين الغموس، فالتعزير للكذب والكفارة لانتهاك الاسم المعظم حيث أكد الكذب به، وبذلك أجاب ابن عبدِ السلام وابن الصلاح، قال: ومثله ذكره ابن عبدِ السلام في "القواعد الصغرى": أنَّه لو زنى بأُمَّه في جوف الكعبة في رمضان وهو صائم معتكف محرم .. لزمه العتق والبدنة، ويحد للزنا، ويعزر لقطع رحمه وانتهاك حرمة الكعبة. انتهى (٢) ولا يرد شيء من هذه الصور على "الحاوي" لأنه لم يعتبر في إيجاب التعزير انتفاء الكفارة، وكذا فعل الشيخ أَبو حامد والماوردي وابن الصباغ والقاضي حسين والبغوي والغزالي، حكاه عنهم شيخنا الإمام البلقيني، ثم قال بعد ذكره نص الشَّافعي على وجوب التعزير على قاتل من لا يقاد به: ظهر بهذا النص أن هذه الزِّيادة، وهو قوله: (ولا كفارة) (٣) ليس معتمدة على المذهب.

وأورد عليهم: اجتماع الحد والتعزير في شارب الخمر؛ فإن الحد أربعون، والزِّيادة إلى الثمانين تعزير كما تقدم، وقد صرح "المنهاج" بالمسألة (٤)، وإنَّما الإيراد على إطلاقه هنا، وقد لا يرد على "الحاوي" لقوله [ص ٥٩٦]: (ويعزر الإمام لمعصيةٍ غيرها) وذلك لا ينافي التعزير مع شيء قدمه.


(١) في حاشية (ج): (هو الإسنوي).
(٢) الفوائد في اختصار المقاصد (ص ٧٢).
(٣) المنهاج (ص ٥١٤).
(٤) المنهاج (ص ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>