للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وردت الإجارة على ذمته، لكن يشكل بجواز إلزام ذمة من لم يحج الحج عن غيره، وحائض خدمة مسجد، وإن امتنع ذلك في إجارة العين.

٥٢٦٧ - قول "المنهاج" [ص ٥١٩]- والعبارة له - و"الحاوي" [ص ٣٧٩]: (ويصح استئجار ذمي للأمام) فيه أمور:

أحدها: أنه لا يختص بالذمي، بل يجوز مع المعاهد أيضاً بهُدنة أو أمان، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وقال: في كلام الشافعي والأصحاب ما يقتضيه.

ثانيها: أن محل جواز استئجاره: حيث تجوز الاستعانة، فإن استأجره حيث يمتنع .. فالإجارة باطلة.

ثالثها: أن مقتضى كلامهما: استمرار الإجارة ولو أسلم، لكن مقتضى ما في "أصل الروضة" فيما لو استأجر طاهراً لخدمة المسجد، فحاضت، من انفساخ الإجارة: انفساخها هنا (١)، وإليه ذهب شيخنا في "تصحيح المنهاج".

رابعها: يرد على إطلاقهما: أنه لا يصح استئجاره من مال نفسه، بل ولا من سائر أموال بيت المال، وإنما يستاجره من شيء مخصوص، وهو خمس الخمس، وقد ذكر ذلك "الحاوي" فيما إذا أخرجه قهراً .. قال: (له الأجر من خمس الخمس) (٢).

خامسها: ليست هذه الإجارة على قياس سائر الإجارات، فلو تعذر سفر الجيش لصلح صدر قبله .. كان عذراَ في فسخ الإجارة، وإن كانت الإجارة لا تنفسخ بالعذر، ويسترجع الإمام منهم ما دفعه إليهم، وإن كان الصلح بعد رده لهم دار الحرب .. لم يسترجع منهم شيئاً؛ لأن مسير الجيش إليهم أثر في الرهبة المفضية للصلح، وإن كان ذلك بعد خروجهم من دار الإسلام وقبل دخولهم أرض الحرب .. ففي استحقاقهم من الأجرة بقدر المسافة وجهان حكاهما الماوردي.

قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": والأرجح في نظيرها من (الحج): أنه لا يستحق شيئاً، فكذلك الأرجح هنا، وإن كان ترك الجهاد لانهزام العدو استحقوا (٣) الأجرة وإن تركوه مع الحاجة إليه .. ردوا من الأجرة بالقسط، وصحح شيخنا تقسيطه على قطع المسافة من بلد الإجارة والقتال في دار الحرب.

٥٢٦٨ - قول "الحاوي" [ص ٦٠٤]: (فإن أخرج الذمي لا المسلم قهرًا .. له الأجر) قال الرافعي: كذا أطلقوه في المسلم، وفصّل البغوي فقال: إن تعين عليه .. فكذلك، وإلا .. فله


(١) الروضة (٥/ ١٨٤).
(٢) الحاوي (ص ٦٠٤).
(٣) في النسخ: (واستحقوا)، ولعل الصواب ما أثبت، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>