للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العوض بذكره: ما إذا لم يكن المضطر صبيًا؛ فإنه ليس من أهل الالتزام، لكن قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": يحتمل أن يلزم في هذه الصورة؛ لما فيه من تحريض صاحب الطعام على بذله للمضطر ولو صبيًا، والأول أقيس. انتهى.

٥٦٢١ - قول "التنبيه" [ص ٨٤]: (فإن وجد المضطر الميتة وطعام الغير .. أكل طعام الغير وضمن بدله إذا قدر، وقيل: يأكل الميتة، وإن وجد صيدًا وميتة وهو محرم .. ففيه قولان، أحدهما: يأكل الميتة، والثاني: يأكل الصيد) الأظهر في الصورتين: أنه يأكل الميتة؛ وعليه مشى "الحاوي"، وتعبيره بقوله: (أولى) (١) أراد به: التعيُّن، و"المنهاج" وعبر بالمذهب (٢).

وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": تعبيره بالمذهب لا يستقيم في صورة طعام الغائب؛ فليس فيها طريقان ولا طرق، وإنما فيها ثلاثة أوجه، وقيل: أقوال: ثالثها: يتخير، ولا في صورة الحاضر؛ لأنه إذا بذل طعامه مجانًا أو بثمن مثله .. لزم المضطر قبوله، ولا يأكل الميتة، وإن لم يرض إلا بزيادة كثيرة .. لم يلزمه الشراء، ويعدل إلى الميتة، وفي صورة ضعف المالك وسهولة دفعه يكون على الخلاف فيما إذا كان المالك غائبًا. انتهى.

لكن في "الكفاية" في صورة الغائب طريقة قاطعة بأكل الميتة، وفي "شرح المهذب" عن نص الشافعي: أنه إذا خاف المضطر أن الطعام الذي أحضره له غيره مسموم .. فإنه يجوز له تركه والانتقال إلى الميتة (٣).

ويرد عليهم جميعًا: أن محل الخلاف في صورة الميتة والصيد مقيد بقيدين:

أحدهما: ألَّا يجد المحرم حلالًا يذبحه، فإن وجد .. لم تحل الميتة قطعًا؛ لأنه إن لم يذبحه للمحرم .. فواضح، وإن ذبحه لأجل المحرم .. فهو حرام على المحرم دون غيره؛ فتحريمه أسهل من الميتة، ذكره الشيخ أبو حامد.

ثانيهما: تتعين الميتة قطعًا فيما إذا كان الصيد غير مأكول؛ كالمتولد بين الذئب والضبع وبين حماري الوحش والإنس .. فإنه يحرم على المحرم التعرض له، ويجب الجزاء فيه، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج"، وعلله: بأن في قتله إذهاب روحه وإيجاب الفدية على المحرم، ثم هو حرام على كل أحد بلا خلاف، قال: ولم أر من تعرض لذلك. انتهى.

واعلم: أن ما ذكرناه في الصيد للمحرم يجري أيضًا في صيد الحرم، ذكره في "الكفاية"، وهو واضح.


(١) الحاوي (ص ٦٣٨).
(٢) المنهاج (ص ٥٤٠).
(٣) المجموع (٩/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>