للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن المدعى عليه لو كان حاضرًا فطلب بعد البينة تحليف المدعي على الاستحقاق .. لم يجب إليه؛ لأن فيه قدحًا في البينة، فكيف يحلفه عليه في غيبته وقد حلف على ثبوته في ذمته.

ثانيهما: أن المدعى عليه لو ادعى مسقطًا فأراد المدعي الحلف على استحقاق ما ادعاه .. لم يمكن منه، بل يحلف على ذلك المسقط؛ فكيف اكتفي به في حق الغائب؛ ولذلك أسقطه الماوردي فقال: وأقل ما يجزيه: أن يحلف أن حقه لثابت (١).

قال في " المهمات ": وهو واضح؛ فتعين العمل به وأورد شيخنا في " تصحيح المنهاج " أمرين آخرين:

أحدهما: أن المدعى به قد يكون عينًا .. فلا يحلف فيها كذلك، وإنما يحلف في كل دعوى على ما يليق بها.

ثانيهما: أن المدعى عليه لو كان حاضرًا وقال: الشهود فسقة أو كذبة وهو يعلم ذلك .. ففي تحليف المدعي على نفي العلم وجهان، طردًا في كل صورة ادعى ما لو أقر به الخصم لنفعه، لكن لم يكن المدعي عين الحق، ورجح في " الروضة " وأصلها: أن له التحليف (٢)، ويؤيده نص الشافعي في " البويطي " على أنه لو قال: أنه يعلم أن الشهود شهدوا بغير حق .. حلف على أنه لا يعلم ذلك.

قال شيخنا في " تصحيح المنهاج ": ويلتحق بذلك ما إذا قال: هو يعلم أن بيني وبين شهوده عداوة مانعة من قبول شهادتهم عليّ، أو أن فيهم رقًا، أو أن بينه وبينهم من النسب ما يمنع قبول شهادتهم، أو أنهم يجرون لأنفسهم بشهادتهم نفعًا، أو يدفعون بها عنهم ضررًا .. قال شيخنا: فعلى القاضي في القضاء على الغائب أن يحلفه على هذه الأمور كلها؛ لأنه لو طلب حلفه على ذلك .. أجيب إليه؟ فيحتاط الحاكم له في غيبته، ولم أر من تعرض لشيء من ذلك، إلا أن القاضي الحسين قال في اليمين: يقول: وأن شهوده شهدوا بالحق، قال شيخنا: وهو متعقب بأن المنصوص في " البويطي ": أنه في دعوى الحاضر ذلك يحلف على نفي العلم، فكذلك في الغائب.

واعلم: أن محل ترجيح وجوب التحليف: إذا لم يكن للغائب وكيل حاضر؛ ففي " أصل الروضة ": لو كان للمتمرد وكيل نصبه بنفسه .. فهل يتوقف التحليف على طلبه؛ فيه جوابان لأبي العباس الروياني؛ لأن الاحتياط والحالة هذه من وظيفة الوكيل، وكذا لو كان للغائب (٣)


(١) انظر " الحاوي الكبير " (١٦/ ٢٣٦).
(٢) فتح العزيز (١٣/ ١٦١)، الروضة (١٢/ ١٢).
(٣) في النسخ: (الغائب)، والتصويب من " روضة الطالبين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>