للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو الذي يقتضيه قول "الحاوي" [ص ٦٧٥]: (ويجب أداؤها، لا على فاسق إجماعاً)، لكن الذي في "الروضة" وأصلها في المجمع عليه: أنه يحرم عليه أداء الشهادة (١).

وأفهم "المنهاج" و"الحاوي" باقتصارهما على الشروط المتقدمة أنه لو دعي إلى قاض متعنت لا يأمن أن يرده جوراً .. وجبت عليه الإجابة، وهو الأرجح في "الروضة"، وأنه لو دعي للأداء عند أمير أو وزير .. لزمته الإجابة، وبه قال ابن كج إذا علم أنه يصل به إلى الحق، بعد أن نقل عن ابن القطان أنه لا يلزمه، قال في "الروضة": قول ابن كج أصح (٢).

وقال في "التوشيح": ينبغي أن يحمل على ما إذا علم أن الحق لا يخلص إلا عند الأمير أو الوزير، وإليه يرشد قوله: (إذا علم أنه يصل به إلى الحق) أما إذا علم أن القاضي يقدر على تخليصه .. فلا وجه لإقامة الشهادة عند من ليس أهلاً لسماعها، وقد جزم في "الروضة" في القضاء على الغائب بأن منصب سماع الشهادة يختص بالقضاة، وأفهم كلامهما أيضاً الوجوب فيما لو دُعي لأداء الشهادة عند من لا يعتقد انعقاد ولايته لجهل أو فسق، وكذا ذكره في "الكفاية".

ويرد على "الحاوي" أنه لو لم يكن في القضية إلا شاهد واحد .. لم يلزمه الأداء إلا إن كان مما يثبت بشاهد ويمين، وقد ذكره "المنهاج"، وتناول إطلاقه ما لو دعي لأداء الشهادة عند حنفي لا يقضي بالشاهد واليمين، والأظهر في "الكفاية": أنه لا يجب الأداء في هذه الصورة.

٦٢١١ - قول "التنبيه" [ص ٢٦٩]: (ولا يجوز لمن تعين عليه أن يأخذ أجرة ويجوز لمن لم يتعين) الأصح عند الرافعي والنووي: جواز أخذ الأجرة على التحمل وإن تعين، ومنعه على الأداء وإن لم يتعين، ثم قال الرافعي: ومقتضى قولنا: له طلب الأجرة إذا دعي للتحمل .. أن يطلب الأجرة إذا دعي للأداء، سواء كان القاضي معه في البلد أم لا (٣).

قال النووي: هذا ضعيف مخالف لكلام الأصحاب، فإن فرض من يحتاج إلى الركوب في البلد .. فهو محتمل، والوجوب ظاهر (٤).

قلت: فرق الماوردي وغيره بينهما بأن أخذ الأجرة على الأداء يوجب ريبة، على أن الماوردي حكى وجهين فيما إذا كان ممتنعاً عن كسبه بالتحمل أو الأداء، وجعل في أخذ الأجرة عليهما ثلاثة أوجه: ثالثها: يجوز على التحمل دون الأداء (٥).

وقال الشيخ عز الدين في "القواعد": لا يجوز أخذ الأجرة على تحمل شهادة يبعد تذكرها


(١) فتح العزيز (١٣/ ٧٧)، الروضة (١١/ ٢٧٢).
(٢) الروضة (١١/ ٢٧٣، ٢٧٤).
(٣) انظر "فتح العزيز" (١٣/ ٨١، ٨٢).
(٤) انظر "الروضة" (١١/ ٢٧٥، ٢٧٦).
(٥) انظر "الحاوي الكبير" (١٧/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>