للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعرفة الخصمين فيها؛ لأن باذل الأجرة إنما يبذلها على تقدير الانتفاع بها عند الحاجة إليها، فيصير هنا أخذ الأجرة على شهادة لا يحل له أداؤها.

قال شيخنا الإسنوي في "التنقيح": ويسأل عن الفرق بين أخذ الأجرة هنا وبين وضع الجذوع إذا قلنا بالقديم. وهو إجبار الجار عليها؛ فإنه لا أجرة له كما نقله ابن الرفعة عن "المهذب" وغيره (١)، ولم يحكِ فيه خلافاً، ويشكل أيضاً على استئجار المسلم على الجهاد؛ فإنهم قالوا: لا يجوز؛ وعللوه بأنه إذا حضر الصف .. تعين عليه، ومن تعين عليه الشيء لا يأخذ عليه أجرة، ثم إنه يشكل على الاستئجار للحج؛ فإنه يجوز وإن قلنا: إن من قصد مكة .. يلزمه الإحرام. انتهى.

ومحل أخذ الأجرة على التحمل: ما إذا لم يكن له رزق من بيت المال، فإن كان .. لم يجز الأخذ، وكذا حكم كاتب الصكوك، وهو وارد على قول "الحاوي" [ص ٦٧٥]: (وللكاتب أجره) وقد يحمل الآخر على أعم من المأخوذ من بيت المال، فلا إيراد.

قال أبو الفرج: وإنما يستحقها إذا دعي للتحمل، أما إذا أتاه المشهود عليه .. فلا أجرة له.

٦٢١٢ - قول "الحاوي" [ص ٦٧٥]: (وله أجر المركوب وإن لم يركب) أي: من موضعه إلى القاضي كذا أطلقه في "الوجيز" (٢)، وقيده الإمام والبغوي بمسافة العدوى (٣)، وجزم به في "الروضة" (٤)، وضم في "التهذيب" نفقة الطريق إلى أجرة الركوب (٥)، وفي "تعليق الشيخ أبي حامد": أن الشاهد لو كان فقيراً يكسب قوته يوماً يوماً، وكان في صرف الزمان إلى أداء الشهادة ما يشغله عن كسبه .. لم يلزمه الأداء إلا إذا بذل له المشهود له قدر كسبه في ذلك الوقت، وحكى البغوي وجهين فيما لو أعطاه شيئاً ليصرفه في نفقه الطريق وأجرة المركوب .. هل له أن يصرفه إلى غرض آخر ويمشي؛ وهما كالوجهين فيما لو أعطى فقيراً وقال له: اشتر لك به ثوباً .. هل له أن يصرفه إلى غير الثوب؟ والأصح: الجواز فيهما، كذا في "أصل الروضة" هنا (٦)، لكن في مسألة الفقير تفصيل مذكور في الهبة، والقياس: طرده في مسألة الشاهد.

قال في "المهمات": ثم إن مشى الشاهد من بلد إلى بلد .. قد يكون خارماً للمروءة قادحاً في قبول الشهادة، فيظهر حينئذ امتناعه في حق من هذا شأنه.


(١) المهذب (٢/ ٣٢٤).
(٢) الوجيز (٢/ ٢٥٢).
(٣) انظر "نهاية المطلب" (١٨/ ٦٢٤)، و "التهذيب" (٨/ ٢٢٧).
(٤) الروضة (١١/ ٢٧٥).
(٥) التهذيب (٨/ ٢٢٧).
(٦) الروضة (١١/ ٢٧٥)، وانظر "التهذيب" (٨/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>