للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثلث .. عتقوا، ولهم كسبهم من يوم الإعتاق، ولا يرجع الوارث بما أنفق عليهم)، قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": هذا الإطلاق ممنوع، وتفصيله أن الوارث إن علم بالحال وكتمه .. فهو متبرع لا يرجع، وإن جهله؛ فإن استخدمهم وأنفق عليهم على ظن أنهم عبيده .. فلهم الرجوع عليه بأجرة المثل ويرجع هو بما أنفق عليهم، وإن لم يستخدمهم واكتسبوا كسبًا .. فقد بأن أنه لهم، فيأخذون كسبهم ويرجع الوارث عليهم بما أنفق، ولا سيما إن ألزمه الحاكم بذلك، وكذا لو كان محجورًا بفلس فأنفق القاضي من ماله عليهم لصغر أو جنون أو سفه، فأنفق عليهم وليه .. ثبت الرجوع، وقد نص الشافعي في المكاتب إذا جُنَّ وحل النجم وليس له مال ظاهر، فعجزه السيد بمحضر من الحاكم .. فإن الحاكم يوجب نفقته على السيد، فلو ظهر للمكاتب مال .. يرد عجزه ويعتق عليه المكاتب ويرجع السيد بما أنفق عليه (١).

ولما ذكر القاضي حسين أن الوارث لا يرجع .. قال: كما إذا أنفق على زوجته ثم بأن فساد النكاح، ثم قال: وهذا ظاهر فيما إذا كان عالمًا بفساد النكاح، فإن كان جاهلًا .. فيحتمل أن يقال: يأخذ منها النفقة، وهكذا في مسألة العبيد.

قال شيخنا: ونحن نقطع في مسألة العبيد بأنه يرجع عليهم مع الجهل؛ لأنهم حصل لهم أجرة المثل أو الأكساب، ولم يحصل للزوجة شيء من ذلك، فأمكن أن يقال: لا يرجع عليها بما أنفق حالة الجهل، قال: ولما ذكر البغوي أنه لا يرجع .. قال؛ لأنه كان متبرعًا بالإنفاق، لم يكن معذورًا؛ كمن نكح امرأة نكاحًا فاسدًا على ظن أنه صحيح، ثم فرق القاضي بينهما .. لا رجوع للزوج بما أنفق عليها (٢).

قال شيخنا: ومقتضاه: أنه عالم، وأنه لو جهل .. رجع، ولكن يخالفه قوله: كمن نكح فاسدًا على ظن أنه صحيح، فوقعت المسألة في "التهذيب" غير محررة، ولا نسلم أنه متبرع، بل هو لازم له بمقتضى الظاهر، فإن حكم به عليه حاكم، أو كان محجورًا فأنفق الولي، أو مفلسًا فأنفق الحاكم .. ينبغي أن يرجع عليهم قولًا واحدًا؛ ويشهد للرجوع ما إذا زوجت لاثنين وعرف عين السابق ثم نسي وأوجبنا الإنفاق عليهما، فأنفقا ثم عرف السابق .. فإن الثاني يرجع عليه بما أنفق.

٦٤٢٢ - قول "التنبيه" فيما إذا أعتق إحدى أمتيه [ص ١٤٥]: (وإن وطئ إحداهما .. كان ذلك تعيينًا للعتق في الأخرى، وقيل: لا يكون تعيينًا) أقره النووي وشيخنا الإسنوي على ترجيح الأول (٣)،


(١) انظر "حاشية الرملي" (٤/ ٤٥٣).
(٢) انظر "التهذيب" (٨/ ٣٧٩).
(٣) تصحيح التنبيه (١/ ٤٤٣: ٤٤٦)، تذكرة النبيه (٣/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>