للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشى ابن الرفعة، وهو أظهر في المعنى، ويرد على " التنبيه ": أنه اقتصر على خوف التلف، والأصح: أنه يلحق به كل ما يبيح التيمم، وهو المراد بتعبير " المنهاج " و" الحاوي " بالضرر الظاهر، وقول " المنهاج " و" الحاوي " في مسألة الموت: (لم ينزع) أي: لم يجب النزع على الصحيح، وقيل: يحرم النزع.

واعلم: أنه يلحق بالوصل بعظم نجس مداواة الجرح بدواء نجس وخياطته بخيط نجس، وكذلك الوشم، وشق موضع من بدنه، وجعل دم فيه.

٥٦٢ - قول " الحاوي " [ص ١٦٦]: (إنه يعفى عن قليل طين الشارع) أي: المتيقن نجاسته، وفي " المنهاج " [ص ١٠٦]: (يعفى عما يتعذر الاحتراز مثه غالباً) أي: وضابطه: ما لا ينسب صاحبه إلى سقطةٍ أو قلة تحفظٍ، وقد يكون الذي يتعذر الاحتراز منه غالباً كثيراً؛ لغلبة الطين، فضبط " المنهاج " في ذلك أولى من ضبط " الحاوي " بالقليل.

٥٦٣ - قول " الحاوي " [ص ١٦٥]: (إنه يعفى عن قليل دم البرغوث) يقتضي أنه لا يعفى عن الكثير، وكذا قال الرافعي: إنه أحسن الوجهين (١)، وينبغي أن يقيد القليل بما إذا لم ينتشر بعرق؛ فإنه متى انتشر بعرق .. فهو كالكثير، ففيه اختلاف التصحيح، وقول " التنبيه " [ص ٢٨]: (وإن صلى وفي ثوبه دم البراغيث .. جازت صلاته) يقتضي العفو عن الكثير أيضاً، وكذا صححه في " أصل الروضة " لكون الرافعي حكاه عن العراقيين والروياني وغيرهم، ولم ينقل مقابله إلا عن الإمام والغزالي (٢)، فلا يحسن قوله في " شرح المهذب ": إنه الأصح باتفاق الأصحاب (٣)، وفي " المنهاج " [ص ١٠٦]: (الأصح عند المحققين: العفو مطلقاً) وتناولت عبارته الكثير والقليل المنتشر بعرق، بل تناولت أيضاً الكثير المنتشر بعرق، وإن كانت عبارة الرافعي تقتضي عدم العفو في هذه الصورة قطعاً، وقال السبكي: لم يتعرضوا لاجتماع الكثرة والانتشار بالعرق. انتهى.

وكأنه أراد: لم يتعرضوا لها صريحاً بالمنطوق، وإلا .. فهي داخلة في عموم " المنهاج " ومفهوم الرافعي كما تقدم، ومحل العفو مطلقاً: في الملبوس إذا أصابه من غير تعمد، فإن لم يلبسه بل حمله في كمه أو فرشه وصلى عليه، أو لبسه ولكن كانت الإصابة بفعله؛ كقتل برغوث ونحوه .. عفي عنه مع القلة في الأصح دون الكثرة قطعاً، كما في " التحقيق " تبعاً للمتولي (٤)، وكلام الرافعي في (الصيام) يقتضيه (٥).


(١) انظر " فتح العزيز " (٢/ ٢٥).
(٢) الروضة (١/ ٢٨٠)، وانظر " فتح العزيز " (٢/ ٢٥)، و" نهاية المطلب " (٢/ ٢٩٢)، و" بحر المذهب " (٢/ ٣٢٤).
(٣) المجموع (٣/ ١٤٠).
(٤) التحقيق (ص ١٧٧).
(٥) انظر " فتح العزيز " (٣/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>