للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصلها بالجهل بكونه مفطرًا (١)، ومقتضاه: أن من جهل الإفطار به .. لم يفطر وإن علم التحريم، وليس كذلك، كما في نظيره من الكلام في الصلاة، وفي "النهاية": لو تكلم عالماً بأن الكلام محرّم في الصلاة، ولكن لم يعلم كونه مفسداً .. فتفسد صلاته وفاقاً، وهذا يطّرد في الصوم وغيره (٢).

رابعها: بعد تقرير أن المراد: الجهل بالتحريم، ففي المسألة إشكال؛ لأن ذلك جهل بحقيقة الصوم، فإن من جهل المفطر .. جهل الإمساك عنه الذي هو حقيقة الصوم، فلا تصح نيته، قال السبكي: فلا مخلص إلا بأحد أمرين، إما أن يفرض في مفطر خاص من الأشياء النادرة كالتراب؛ فإنه قد يخفى، ويكون الصوم: الإمساك عن المعتاد، وما عداه شرط في صحته، وإما أن يفرض، كما صوره بعض المتأخرين فيمن احتجم أو أكل ناسياً، فظن أنه أفطر، فأكل بعد ذلك جاهلًا بوجوب الإمساك .. فإنه لا يفطر على وجه، لكن الأصح فيه: الفطر، وسيأتي في "المنهاج". انتهى.

وقال القاضي حسين: كل مسألة تَدِقّ وتَغمُض معرفتُها هل يعذر فيها العامي، على الوجهين؛ أي: فيما إذا علم المصلي أن جنس الكلام محرم، ولم يعلم أن ما أتى به محرم، والأصح: فيها الصحة.

١٢٨٣ - قولهم: (إن الصوم يبطل بالاستمناء) (٣) المراد به: استنزال المني باليد قصداً، أما لو حك ذكره لعارض، فخرج المني .. فالأصح في "شرح المهذب": أنه لا يفطر؛ كسبق ماء المضمضة (٤).

١٢٨٤ - قول "المنهاج" [ص ١٨١] و"الحاوي" [ص ٢٢٦]: (إن الصوم يبطل بخروج المني بقبلة) محله: فيما إذا كانت بدون حائل، فلو قَبَّل بحائل، فأنزل .. فجزم المتولي بأنه لا يفطر، ولو قَبَّل، ثم أنزل بعد مفارقتها بساعة فأكثر .. فالأصح عند الروياني: إن استمرت الشهوة وقيام الذكر حتى أنزل .. أفطر، وإلا .. فلا (٥)، ومحل ذلك: في الواضح، فأما المشكل .. فلا يفطر بإنزال المني من أحد الفرجين؛ لاحتمال الزيادة، قاله في "البيان"، وحكاه في "شرح المهذب" عنه (٦).


(١) فتح العزيز (٣/ ٢٠٣)، الروضة (٢/ ٣٦٣).
(٢) نهاية المطلب (٢/ ٢٠٤).
(٣) انظر "التنبيه" (ص ٦٦)، و"الحاوي" (ص ٢٢٦)، و "المنهاج" (ص ١٨١).
(٤) المجموع (٦/ ٣٣٣).
(٥) انظر "بحر المذهب" (٤/ ٢٩٧).
(٦) البيان (٣/ ٥١٦)، المجموع (٦/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>