للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ومقدماته الناقضة)، وتبع في هذه العبارة الغزالي (١)، وهو شاذ، بل غلط، كما قاله في زيادة "الروضة" (٢)؛ لأن اللمس بغير شهوة لا يحرم، وقال في "شرح المهذب": اتفقوا على أنه سهو من الغزالي، وليس وجهًا (٣).

قلت: ومقتضى هذه العبارة: وجوب الفدية باللمس ناسيًا أو جاهلًا كالنقض، وأنها لا تجب بالمعانقة بشهوة بحائل، وليس كذلك.

واعلم: أن مقدمات الجماع ليست مثله في إفساد الحج وإيجاب البدنة، وإنما الواجب فيها: فدية؛ كالحلق وغيره من الاستمتاعات.

١٥٩٣ - قولهما: (وتَفْسُدُ به العمرة) (٤) فيه أمران:

أحدهما: أن المراد: العمرة المفردة؛ فهي التي تفسد بالجماع مطلقًا، أما التي في ضمن حج في القران .. فهي تابعة له في الصحة والفساد، فإذا جامع بعد تحلله الأول .. لم يفسد الحج، وكذا العمرة تبعًا وإن لم يأت بأعمالها؛ لما بيناه من التبعيّة.

ولو قدم القارن مكة، فطاف وسعى ووقف، ثم حلقَ قبل الرمي، ثم جامع .. فسد حجه وعمرته وإن كان بعد أفعال العمرة كلها، ففسدت العمرة تبعًا كما صحت فيما تقدم تبعًا، وقد ذكره "الحاوي" بمثاليه، وأحسن بذكر الحلق في المثال الثاني (٥)، فإن الرافعي والنووي لما ذكراه .. لم يذكرا الحلق (٦)، فاعترض على قولهما: إن هذا الجماع بعد أفعال العمرة كلها؛ لأنه قد بقي منها الحلق، لكن فيه شيء آخر، ذكره شيخنا ابن النقيب فقال: وهذا الكلام يدل على أن طواف العمرة يندرج في طواف قدوم الحج، لا في الإفاضة، وفيه نظر، واندراجه في المفروض أولى (٧).

وذكره شيخنا الإمام البلقيني على طريق الجزم فقال: والطواف المذكور قد يكون للقدوم .. فلا يجزئ عن طواف العمرة، فالمجزئ عن طواف العمرة في القران إنما هو طواف الإفاضة، وإنما هذا سنة، وحينئذ .. فلم يقع الجماع بعد أعمال العمرة.

ثانيهما: شرط فساد الحج والعمرة بالوطء: أن يكون عاقلًا عامدًا عالمًا بالتحريم، فإن لم يكن


(١) انظر "الوجيز" (١/ ٢٦٩)، و "الوسيط" (٢/ ٦٩١).
(٢) الروضة (٣/ ١٤٤).
(٣) المجموع (٧/ ٢٥٩).
(٤) انظر "التنبيه" (ص ٧٢)، و "المنهاج" (ص ٢٠٦).
(٥) الحاوي (ص ٢٥٣).
(٦) انظر "فتح العزيز" (٣/ ٤٨٥)، و"المجموع" (٧/ ٣٣٩).
(٧) انظر "السراج على نكت المنهاج" (٢/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>