للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سنة خمس وعشرين من مولده - صلى الله عليه وسلم -: كان خروجه في تجارة خديجة، وتزويجه بها، وذلك أن خديجة كانت ذات شرف ومال، فلما بلغها صدقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمانتُه، عرضت عليه الخروج في تجارتها إلى الشام، فأجاب إلى ذلك، وخرج ومعه غلامها مَيْسَرَة، وجعل عمومتُه يوصون به أهلَ العير، وساروا حتى وصلوا بُصْرى من أرض الشام، فنزلا في ظل شجرة، فرآه راهبٌ يقال له: نَسْطورا، فعرفه بالعلائم، وقال لميسرة: هذا - والله - الذي تجده أحبارُنا منعوتًا في كتبهم.

فلما رجعوا، ودخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخبرها بما ربحوا، فسرَّتْ بذلك، ودخل عليها ميسرةُ، وأخبرها بما رأى منه، وبما قال له الراهب نسطورا، فأرسلَتْ دسيسًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتحدَّث له في تزويجها.

وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعه حمزةُ بنُ عبد المطلب، وأبو طالب، وغيرُهما من عمومته، حتى دخل على خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدٍ، فخطبها إليه، فزوَّجها منه، وهو ابنُ خمسٍ وعشرين سنة، وخديجةُ يومئذ ابنةُ أربعين سنة، وأصدَقَها عشرين بكرةً، وهي أولُ امرأة تزوجها، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت، ولم يتزوج بِكْرًا غيرَ عائشة.

وولدت له خديجة أولاده كلَّهم إلا إبراهيم؛ فإنه من مارية القِبْطية، وبقيةُ الأولاد من خديجة، وهم: زينب، ورُقَية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء، والقاسم، وبه كان يُكنّى، وعبد الله، والطاهر، والطيب.

فأما القاسم والطاهر، فماتا قبل الإسلام، وقيل: إن عبد الله وُلِد في