للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له وقائع مع الفرنج، وثبت في وقعاتهم ثباتًا عظيمًا، وشُهد له بالشجاعة.

وكان ابن يعقوب يوسفُ بن تاشفين ملكُ المسلمين صاحبَ مراكش، فجعل خواصُّه يعظِّمون عنده بلاد الأندلس، ويحسِّنون له أخذَها، ويُغَيِّرون قلبه على المعتمد بأشياء نقلوها عنه، فتغير عليه، وقصده، فلما انتهى إلى سَبْتَةَ، جهز إليه العساكر، وقدَّم عليها بشرَ بن أبي بكر الأندلسي، فوصل إلى إشبيلية، وبها المعتمد، فحاصرها أشد محاصرة، وظهر من مصابرة المعتمد وشدة بأسه وتراميه على الموت بنفسه ما لم يُسمع بمثله، فلما كان يوم الأحد، العشرين من رجب، سنة أربع وثمانين وأربع مئة، هجم عسكر الأمير يوسف على البلد، وشنُّوا فيه الغارات، ولم يتركوا لأحد شيئًا، وخرج الناس من منازلهم يسترون عوراتهم بأيديهم، وقُبض على المعتمد وأهله، وقُتل له ولدان، وقَيَّدوا المعتمد من ساعته، وجَعلوا أهله في سفينة، وحُملوا إلى الأمير يوسف بمراكش، فأمر بإرسال المعتمد إلى مدينة أغمات، واعتقل بها، ولم يخرج منها إلى الممات، وفي اعتقاله يقول أبو بكر الدَّاني قصيدته التي مطلعها:

لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الأَشْياءِ مِيقَاتُ ... وَلِلمُنَى مِنْ مَنَايَاهُنَّ غَايَاتُ

وَالدَّهْرُ فِي صبغَةِ الحِرْبَاءِ مُنْغَمِسٌ ... ألْوَانُ حَالاتِهِ فِيهَا اسْتِحَالَاتُ