للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستمر على ذلك إلى أن توفي مخدومه غازي، وقام بالأمر بعده أخوه قطب الدين مودود، فاستولى عليه مدة، ثم قبض عليه في رجب، سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، ولم يزل مسجونًا إلى أن توفي في العشر الأخير من رمضان، سنة تسع وخمسين وخمس مئة، وصُلِّيَ عليه، وكان يومًا مشهوداً؛ من ضجيج الضعفاء والأرامل والأيتام حول جنازته، ودُفِنَ بالموصل، ثم نُقل إلى مكة - حرسها الله تعالى -، وطِيفَ به حول الكعبة بعد أن صعدوا به ليلة الوقفة إلى جبل عرفات، وكانوا يطوفون به كل يوم مرارًا مدة بقائهم بمكة، وكان يوم دخوله بمكة يومًا مشهوداً؛ من اجتماع الخلق والبكاء عليه، ثم حمل إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ودُفن بالبقيع بعد أن أُدخل المدينة، وطيف به حول الحجرة مراراً - رحمه الله تعالى -.

وكان ولده أبو الحسن علي الملقب: جمال الدين من الأدباء الفضلاء البلغاء، توفي سنة أربع وسبعين (١) وخمس مئة بمدينة دُنَيْسَر - بضم الدال المهملة وفتح النون وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح السين المهملة وبعدها راء مهملة -، وهي مدينة بالجزيرة بين نصيبين ورأس العين، تطرقها التجار من جميع الجهات، وهي مجمع الطرقات، ولهذا قيل لها: دنيسر، وهو لفظ مركب، وأصله: دنيا سر، ومعناه: رأس الدنيا، وعادة العجم في الأسماء المضافة [أن] يؤخروا المضاف


(١) في الأصل: "خمسين".