للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يزل مستقيم الحال إلى أن توفي نور الدين، وقام ولده الملك الصالح إسماعيل مقامه، وكان صغيرًا، فاستولى عليه جماعة كانوا يكرهون العماد، فضايقوه، وأخافوه إلى أن ترك جميع ما كان فيه، وسافر قاصدًا بغداد، فوصل إلى الموصل، فمَرِضَ بها مرضًا شديدًا، فلما بلغه خروج السلطان صلاح الدين من الديار المصرية لأخذ دمشق، عزم على العودة إلى الشام، فوصل إليها ثامن جمادى الآخرة، سنة سبعين وخمس مئة، وصلاح الدين نازل على حلب، ثم قصد خدمته، فحضر بين يديه، ولزم بابه في رحيله ونزوله، حتى نظمه في سلك جماعته، واعتمد عليه، وقرب منه، وصار من جملة الصدور المعدودين، والأماثل المشتهرين، وكان القاضي الفاضل أكثر الأوقات ينقطع عن خدمة السلطان، والعمادُ ملازم الباب، وهو صاحب السر المكتوم.

وصنف التصانيف النافعة، منها: كتاب "الفتح القدسي" في مجلدين يتضمن فتح بيت المقدس وغيره.

وكان بينه وبين القاضي الفاضل مكاتبات ومحاورات لِطاف، فمن ذلك: ما يُحكى عنه: أنه لقيه يومًا وهو راكب على فرس، فقال له العماد: سِرْ فَلاَ كَبَا بِكَ الفرس، فقال له الفاضل: دامَ عُلا العماد.

وهذا مما يقرأ مقلوبًا ومستقيمًا بالسواء.

وكان القاضي الفاضل قد حج في سنة أربع وخمس مئة، وركب البحر في طريقه، فكتب إليه العماد ألفاظًا، منها: