للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التركيُّ (١)، الحكيمُ المشهور: صاحب التصانيف في المنطق والموسيقا وغيرهما من العلوم، وهو من أكبر فلاسفة المسلمين.

ولد في بلده، ونشأ بها، ثم خرج، وتقلبت به الأسفار إلى أن وصل بغداد، وهو يعرف اللسان (٢) التركي، وعدة لغات غير العربي، فشرع في اللسان العربي، فتعلَّمه وأتقنه، ثم اشتغل بعلوم الحكمة، ثم ارتحل إلى مدينة حرَّان، ولم يزل مُكِبًا على الاشتغال بهذا العلم، والتحصيل له إلى أن فاق فيه أهلَ زمانه، وألَّف معظم كتبه.

ثم سافر إلى دمشق، وتوجه إلى مصر، ثم عاد إلى دمشق، فأقام بها، وسلطانُها يومئذ سيفُ الدولة بن حمدان، فأحسن إليه.

ويحكى: أن الآلة المسماة بالقانون من وضعه، وهو أول من رَكَّبها هذا التركيب، وكان منفرداً بنفسه، لا يجالس الناس، وكان مدة إقامته بدمشق في تأليف كتبه، وكان أزهدَ الناس في الدنيا، لا يحتفل بأمرِ مكسب ولا مسكن، وأجرى عليه سيف الدولة كلَّ يوم من بيت المال أربعة دراهم، واقتصر عليها إلى أن مات في سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة بدمشق، وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه، وقد ناهز ثمانين سنة، ودفن خارج الباب الصغير.

ومما ينسب إليه من النظم: قوله:


(١) في الأصل: "المتولي"، والمثبت من "وفيات الأعيان".
(٢) في الأصل: "باللسان".