للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مئة، فامتنع من مباشرتها، واختار الإقامة ببيت المقدس وانتهت إليه رئاسة الحنابلة بالأرض المقدسة، وصار المعوَّلَ عليه في الفتوى.

وكان حسن الشكل، متواضعاً، سخياً، مُكرِماً لمن يرد عليه، لا يحب الفخر ولا الخيلاء، ويدخل إلى المسجد الأقصى في أوقات الصلاة بمفرده، مع ما هو عليه من الهيبة والوقار.

وكان خطيباً بليغاً، وباشر القضاء بالقدس الشريف وغيرها، وأفتى نحو أربعين سنة، ومات وهو باق على أُبَّهته ووقاره، لم تحصل له محنة ولا إهانة.

وأما معرفته بطريق الأحكام، ومصطلح القضاء والشهادة، فإليه النهاية، وخطُّه في غاية الوضوح.

ولما كان في آخر عمره، عُزل عن القضاء في شهر جمادى الأولى، سنة ثلاث وسبعين، ثم ورد عليه توقيع السلطان الملك الأشرف قايتباي بقضاء الرملة، فتوجه إليها من القدس في نهار الأحد، خامس شهر رمضان من السنة المذكورة، وأقام بها تسعة وخمسين يوماً.

وتوفي بالطاعون في الريا بعد أذان الظهر من يوم الثلاثاء، رابع شهر ذي القعدة، سنة ثلاث وسبعين وثمان مئة بالدار الكائنة بداخل مسجد شيخه الشيخ شهاب الدين بن أرسلان بحارة الباشقردي، وصُلِّي عليه بعد العصر من يومه بجامع السوق، ودفن على باب الجامع الأبيض ظاهر مدينة الرملة من جهة الغرب، بجوار حوش ملاصق لحائط الجامع، به قبور جماعة من الصالحين.