للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التفسير، فهو عيال على مقاتل بن سليمان.

وكان أبو حنيفة إماماً في القياس، وكان له جار بالكوفة إسكاف يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنَّه الليل، رجع إلى منزله، وقد حمل له لحماً يطبخه، أو سمكة يشويها، ثم لا يزال يشرب، حتى إذا دب الشراب، غرد يصوت وهو يقول:

أَضَاعُونى وَأَيَّ فَتًى أَضَاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ

ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع كلامه كل ليلة، وأبو حنيفة يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته، وسأل عنه، فقيل له: أخذه العسس منذ ليالٍ، وهو محبوس، فصلى أبو حنيفة الفجر من غدوة، وركب بغلته، واستأذن على الأمير، فأذن له، وقال: أَقبِلوا به راكباً، ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل، ووسع له الأمير من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قال: جار لي إسكاف أخذه العسس منذ ليال بأمر الأمير، فحبسه، فأمر الأمير بإطلاقه، وكل من أُخذ في تلك الليلة أن يخرجوا، ويُخلَّى سبيلهم، فركب أبو حنيفة، والإسكاف يمشي وراءه، فلما نزل أبو حنيفة، قال للإسكاف: هل أضعناك يا فتى؟ قال: لا، بل حفظتَ ورعيتَ - جزاك الله خيراً عن حرمة الجوار، ورعاية الحق -، وتاب الرجل، ولم يعد إلى ما كان عليه.

ومحاسن أبي حنيفة ومناقبه كثيرة.

وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة، وقيل: سنة إحدى وستين،