للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابن مجاشع بن دارم - واسمه بحر - بن مالك - واسمه عوف - التميميُّ المعروفُ بالفرزدق، الشاعرُ المشهور، صاحبُ جرير: كان أبوه غالب من جلَّة قومه، وأمه ليلى بنت حابس أختُ الأقرع بن حابس، ولأبيه مناقب مشهورة، ومحامد مأثورة، وكان هَمَّام أنشد سليمان بن عبد الملك الأموي قصيدة، فلما انتهى منها إلى قوله:

ثَلاَثٌ وَاثْنَتَانِ فَهنَّ خَمْسٌ ... وَثَالِثَةٌ تَمِيلُ إِلَى سِهَامِ

فَبِتْنَ بِجَانِبِيَّ مُصَرَّمَاتٍ ... وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلاَقَ الخِتَامَ

كَأَنَّ مَعَالِقَ الرُّمَّانِ فِيهِ ... جَمْرُ غَضاً قَعَدْتُ عَلَيْهِ حَامِي

فقال له سليمان: قد أقررتَ عندي بالزنا، وأنا إمام، ولا بد من إقامة الحد عليك، فقال له الفرزدق: من أين أوجبتَ عليَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: بقول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فقال الفرزدق: كتاب الله يدرؤه عني بقوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٢٢٤ - ٢٢٦]، فانا قلت ما لم أفعل، فتبسَّم سليمان، وقال: أولى لك.