وأما ما كان من حديث الهجرة، فإن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول.
ثم أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالمهاجرة إلى المدينة.
فكان أولَ من قدمها: أبو سَلَمَة بنُ عبدِ الأسد، ثم هاجر من بعده عامرُ بن ربيعة، معه امرأتُه ليلى بنتُ أبي خيثمة، ثم عبدُ الله بن جحش وأخوه، وجميعُ أهله، وتتابع الصحابة، ثم هاجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فلما تتابع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أقام هو بمكة، ينتظر ما يؤمر به، وتخلف معه أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
فلما رأت قريش ذلك، حذروا خروجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمعوا في دار الندوة - وهي دار قُصَيِّ بنِ كِلابٍ - وأجمعوا على مكيدةٍ يفعلونها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنجاه الله من مكرهم، وأنزل الله تعالى في ذلك:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنفال: ٣٠] الآية. وأمره بالهجرة.
وكان اتفاق الكفار أن يأخذوا من كل قبيلة رجلًا؛ ليضربوه بسيوفهم ضربة واحدة، ليضيع دمُه في القبائل، وبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وأن يَتَّشِح ببردِه الأخضر، وأن يتخلَّف عنه؛ ليؤدِّي ما كان عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الودائع إلى أربابها.
وكان الكفار قد اجتمعوا على باب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرصدونه؛ ليثبوا عليه، وأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حفنةً من تراب، وتلا أولَ {يس} {يس: ١]، وجعل ذلك الترابَ على رؤوس الكفار، فلم يروه، فأتاهم آتٍ، وقال: إن محمدًا