للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرج، ووضعَ على رؤوسكم الترابَ، وجعلوا ينظرون، فيرون عليًّا عليه بُرْدَةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون: [إن] محمدًا نائم، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام عليٌّ، فعرفوه.

وأقام عليٌّ بمكة حتى أَدَّى ودائعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقصد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من داره دار أبي بكر - رضي الله عنه -، وأعلمه أن الله تعالى قد أذن في الهجرة، فقال أبو بكر: الصحبةَ يا رسول الله، قال: "الصحبة"، فبكى أبو بكر - رضي الله عنه - فرحًا، واستأجرَ عبدَ الله بنَ أُريقط - وكان مشركًا - ليدلَّهما على الطريق، ومضى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى غارٍ بثورٍ - وهو جبل أسفل مكة -، فأقاما فيه، ثم خرجا من الغار بعد ثلاثة أيام، وتوجها إلى المدينة، ومعهما عامرُ بنُ فُهيرةَ مولى أبي بكر الصديق، وعبدُ الله بنُ أُريقط الدليلُ، وهو كافر.

وجدّتْ قريشٌ في طلبه، فتبعه سُراقَةُ بن مالكٍ المُدْلِجِيُّ، فلحق النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: يا رسول الله! أدركنا الطلب، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحزنْ إنَّ اللهَ معنا"، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سُراقة، فارتطمت فَرَسُه إلى بطنها في أرض صلبة، فقال سراقة: ادعُ اللهَ يا محمدُ؛ لتخلصني، ولكَ أن أردَّ الطلبَ عنك، فدعا له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فخلص، ثم تبعه، فدعا عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فارتطمت ثانية، وسأل الخلاصَ، وأن يردَّ الطلبَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأجابه النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ودعا له، وقال: "كيفَ بكَ يا سُراقَةُ إذا سُوِّرْتَ بِسِوارِ كِسْرى برويز؟ "، فرجع سراقة، وردَّ كلَّ من لقيه عن الطلب،