للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنزلَ الله نصرَهُ على المسلمين، وانهزم المشركون، فطمعت الرماةُ في الغنيمة، وفارقوا المكانَ الذي أمرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بملازمته، فأتى خالدُ ابنُ الوليد مع خيل المشركين من خلفِ المسلمين، ووقع الصراخُ: أن محمدًا قُتِل، وانكشف المسلمون، وأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء على المسلمين، وكان عدد الشهداء من المسلمين سبعين رجلًا، وعدة قتلى المشركين اثنين وعشرين رجلًا.

ووصل العدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصابته حجارتهم حتى وقع، وأُصيبت رَبَاعِيَتُه، وشُجَّ في وجهه، وكُلِمَتْ شفتُه، وكان الذي أصابَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عتبةُ بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص، وجعل الدمُ يسيل على وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: "كيفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَّبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ"، فنزل في ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: ١٢٨] (١).

ودخلت حلقتان من حِلَق المِغْفر في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشَّجَّة، ونزع أبو عبيدة بن الجراح إحدى الحلقتين من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسقطت ثنيته الواحدة، ثم نزع الأخرى، فسقطت ثنيته الأخرى، وكان أبو عبيدة ساقطَ الثنيتين، ومصّ مالك بن سنانُ أبو أبي سعيد الخدري (٢)


(١) رواه ابن ماجه في "سننه" (٤٠٢٧)، وأصله في مسلم (١٧٩١)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) في الأصل: "سنان بن أبي سعيد".