للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرضى لرضاه - يعني: التأدب بآدابه، والتخلق بمحاسنه، والالتزام لأوامره وزواجره -، فهو - صلى الله عليه وسلم - لا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها، إلا أن تُنتهك حُرْمَةُ من حرمات الله، فيكون لله ينتقم.

وكان أحسنَ الناس خُلُقًا، وأرجحَهم حلمًا، ولما كُسرت رَباعِيَتُه، وشُجَّ وجهُه يوم أحد، شقَّ ذلك على أصحابه، وقالوا: لو دعوتَ عليهم، فقال: "إني لم أُبعث لَعّانًا، ولكني بُعِثْت دَاعِيًا ورَحْمَةً، اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُوَن" (١).

وكان أعظم الناس عفوًا، ولقد عفا عن اليهودية التي سمَّته بعد اعترافها على الصحيح.

وكان أسخى الناس كفًا، لا يبيت عنده دينار ولا درهم، لا يُسأل شيئًا إلا أعطاه.

وكان أشجع الناس، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، وإذا كره شيئًا، عُرف في وجهه، وإذا بلغه عن أحد ما يكرهه، لم يقل: ما بال فلان يقول: كذا وكذا؟ ولكن يقول: "ما بالُ أقوامٍ يصنَعون أو يقولون كذا؟ "، ينهى عنه، ولا يسمى فاعله.

ولم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا، ولا صَخَّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.


(١) رواه مسلم (٢٥٩٩)، عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - مختصرًا.