ملكُ اليمن، واستفحلَ أمرهُ، وجعل يستطير استطارةَ الحريق، وكان خليفته في مذحِج عمرُو بنُ مَعْد يكرب.
فلما بلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، أرسل إلى نفر من أهل اليمن: أن يحاولوا الأسود، إما غِيلةً، أو مصادمة، وأمرهم أن يستنجدوا رجالًا سماهم لهم، وأرسل إلى أولئك النفر أن يُنجدوهم، فاجتمعوا بامرأة الأسود، وكان الأسود قد قتل أباها، فقالت: والله! إنه أبغضُ الناس إليَّ، ولكن الحرس محيطون بقصره، فانقِبوا عليه البيت، فنَقَبوا، ودخلوا إليه، وخالطوه فقتلوه، واحتزُّوا رأسه، فخار كخُوار الثور، فابتدرت الحرس الباب، فقالوا: ما هذا؟ فقالت زوجته: النبي يوحى إليه، وكان الشيطان قبل ذلك يأتي إليه، فيوسوس له، فيغطُّ، ويعمل بما قال، فلما طلع الفجر، أمروا بالمؤذن، فقال: أشهد أن محمدًا رسول الله، وأن عبهلَة كذاب.
وأرسل أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه بخبر الأسود، فسبق خبرُ السماء إليه، فأخبر الناسَ بذلك، وذلك قبل وفاته - عليه الصلاة والسلام - بقليل، ووصل الكتاب بقتل الأسود في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، فكان كما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان قتله قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بيوم وليلة، وكان من أول خروج الأسود إلى قتله أربعة أشهر.
* ذكر أخبار مسيلمة: وقد ذكرنا أنه قَدِمَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد بني حنيفة، فلما عاد الوفد، ارتدَّ، وكان فيه دهاء، فكذب لهم، وادعى النبوَّة، وتسمَّى: رحمان اليمامة، وخاف أن لا يتم له مرادُه،