للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية إلى ما طلب، واصطلحا على ذلك، وظهرت المعجزةُ النبوية في قوله - صلى الله عليه وسلم - للحسن: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (١)، فسَلَّم الأمرَ إلى معاوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الهجرة.

وكانت مدة خلافته نحو ستة أشهر، ولما سَلَّم الأمرَ إلى معاوية، خطب، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال:

أما بعد:

فإن أَكْيَسَ الكَيْسِ التُّقى، وأحمقَ الحمقِ الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفتُ فيه أنا ومعاويةُ، إنما هو حقُّ امرئٍ كان أحقَّ به مني، وهو حقٌّ لي تركتُه لمعاوية، إرادةً لصلاح الأمة، وحَقْنا لدمائهم، وإن الله تعالى قد هداكم بأَوَّلِنا، وحقنَ دماءكم بآخرِنا، وإن هذا الأمر مدة، والدنيا دول.

وقد قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: ١١١].

وبخلافة الحَسَن بيانُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخِلافَةُ بعدي ثلاثونَ سنةً" (٢)،


(١) رواه البخاري (٢٥٥٧)، عن أبي بكْرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه أبو داود (٤٦٤٦)، والترمذي (٢٢٢٦)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨١٥٥)، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٢١)، عن سَفِينة - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.