فلم يزل البيت على ذلك حتى قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الزبير، وبعث إلى عبد الملك بن مروان يُعْلِمُه بما زاد ابن الزبير، فأمر عبدُ الملك بهدمه وردِّه إلى ما كان عليه في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويجعل له بابًا واحدًا، ففعل الحجاج ذلك.
ويأتي ذكرُ مقتل ابن الزبير، وما فعله الحجاج في البيت الحرام في ترجمة عبد الملك بن مروان - إن شاء الله تعالى -.
وخلاصة الأمر: أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام بنى الكعبة، - وهي بيت الله الحرام - كما تقدم ذكره، وذكرُ ولدِه سيدنا إسماعيل - عليه السلام - بعدَ مضيِّ مئة سنة من عمر إبراهيم، واستمر بناؤه نحو ألفي سنة، وسبع مئة سنة، وخمسة وسبعين سنة، إلى أن هدمته قريش في سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبنوه - كما تقدم في السيرة الشريفة -، وهو البناء الثاني، واستمر نحو اثنتين وثمانين سنة، ثم هدمه الحُصَين، وأحرقه في أيام يزيد بن معاوية - كما تقدم في ترجمة يزيد -، وذلك في سنة أربع وستين من الهجرة، ثم بناه عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم، وهذا البناء الثالث، واستمر نحو تسع سنين، ثم هدمه الحجاج، وقتلَ ابنَ الزبير في سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، ثم بناه الحجاج على ما كان عليه في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو البناء الرابح، واستمر على ما هو عليه إلى هذا التاريخ، وهو أواخر سنة ست وتسعين وثمان مئة.