العباسُ بن محمد، وحاجبه الفضلُ بن الربيع أنبهُ الناس، ومغنيه إبراهيمُ الموصليُّ أوحدُ عصره في صناعته، وزامرُه برصوما، وزوجتُه بنتُ جعفرٍ أرغبِ الناس في الخير، وأسرعِهم إلى كلِّ بِرّ، وأمُّه الخيزرانُ أمُّ الخلفاء، ووزراؤه البرامكة الذين لم يُرَ مثلُهم في الجود والسخاء، وكانت لهم عنده الرقية العلية، والمكانة المرضية، وكانوا عنده لهم الأمر والنهي، والعقد والحل، لا يقطع أمرًا دونهم، ولا يقدِّم أحدًا عليهم، فساسوا أمور الناس أحسنَ سياسة، وساعدَهم المقدور، وشهد بفضلهم الجمهور، ثم بعد ذلك قبض عليهم، وألبسهم بعد العز ثيابَ الذل، ونكَّل بهم، وقتلهم وصلبهم، وقتل جعفر بالأنبار آخر يوم من المحرم، سنة سبع وثمانين ومئة، وبعث بجثته إلى بغداد، ولم يزل يحيى وابنُه الفضل في الحبس حتى ماتا.
والسبب في قتل جعفر: أن الرشيد زوَّجه أختَه عباسة؛ ليحل له النظر إليها، وشرط عليه أن لا يقربها، فوطئها، وحبلت منه، وجاءت بغلام، وقيل غير ذلك.
وتوفي الرشيد بطوس، يوم السبت، لستٍّ خلون من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وتسعين ومئة، وصلى عليه ابنُه صالح.
وكانت خلافته ثلائًا وعشرين سنة، وشهرين، وثمانية عشر يومًا، وكان لا يضيع عنده إحسان محسن، ولا يؤخر جزاء، وكان يحب الشعراء والشعر، ويميل إلى أهل الأدب والفقه.
أولاده: محمد الأمين، وعبد الله المأمون، ومحمد المعتصم، وصالح، ومحمد أبو عيسى، والقاسم، وإسحاق، وغيرهم، وبنات،