للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يحب أهل العلم، ويجلس مع العلماء من أول النهار إلى آخره، يتناظرون بين يديه، فيرشدهم، ويمدهم بالأموال، ويفتقدهم إذا غابوا عنه، ويزورهم في منازلهم.

وكان يحضر مع الناس على الطعام، ويخرج من الليل يطوف في عسكره، وكان يحب [أن] يسمع أخبار الناس، وكان في سخائه لا يوصف، حتى قال فيه بعضهم: إنه أجود من السحاب الحافل، والريح العاصف.

وكان قاضيه: القاضي يحيى بن أكثم، وهو من ولد أكثمَ بنِ صَيْفي حكيمِ العرب، كان عالمًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي - رضي الله عنه -، وكان يحيى سليمًا من البدعة، ينتحل مذهب أهل السنة، وروى عنه الترمذي، والقاضي إسماعيل، وكان أحد الأئمة المجتهدين.

قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: ما عرفت فيه بدعة، وكان واسع العلم كثير الأدب.

ونقل عنه حكايات في أمر المُرْد، وكان ميلُه إليهم في الشبيبة، فلما تكهل، أقبل على شأنه، ونفيت تلك الشناعة عنه.

ولما أراد المأمون أن يوليه القضاء، دخل عليه، فاستحقره، فعلم يحيى بذلك، فقال: يا أمير المؤمنين! إن كان القصد علمي لا خَلقي، فسلني، فعرف المأمون فضله، فولاه.

وكان يحيى من أدهى الناس، وأخبرهم بالأمور، وتوفي يحيى يوم