للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو حشيش، وشرعَ في تقسيم أنواع النبات، فعلم المعتصم فضلَه، فاستوزره، وحكم وبسط يده، وأمر أن لا يمرَّ بأحد إلا يقوم له، وكان القاضي أحمد بن أبي دُؤاد أرصدَ له غلامًا، إذا رآه مقبلًا، أعلمه، فيقوم يصلي حتى يجوزه ابنُ الزيات، فأنشد ابن الزيات:

صَلَّى الضُّحَى لَمَّا اسْتَفَادَ عَدَاوَتِي ... وَأَرَاهُ يَنْسُكُ بَعْدَهَا وَيَصُومُ

لاَ تَعْدَمَنَّ عَدَاوَةً مَسْمُومَةً ... تَرَكَتْكَ تَقْعُدُ تَارَةً وَتَقُومُ

وكان ابنُ الزيات يقول بخلق القرآن.

وكان يقال للمعتصم: الخليفة المثمّن، وذلك أن الله - جلَّ وعلا - وفَّق له كلَّ شيء في العدد، فأولها: أنه الخليفة الثامن من ولد العباس، وولي سنة ثمان عشرة، ومبلغُ ولايته ثمان سنين وثمانية أشهر، وثمانية أيام، ومولده سنة ثمان وسبعين، وغزا ثمان غزوات، وسنه ثمان وأربعون سنة، وخلف من المال ثمانية آلاف ألف درهم، ومثلها دنانير، وكانت أولاده يوم توفي ثمانية من الذكور، وثمانية من الإناث.

وقالوا: كان الثامنَ من ولد الرشيد، وتوفي وله ثمان وأربعون سنة، وهو أولُ من أُضيف إلى لقبه اسمُ الله تعالى من الخلفاء.

وفي أيامه زلزلت فرغانة، فمات بها أكثر من خمسةَ عشرَ ألفًا، ورجفت الأهوازُ رجفة عظيمةً تصدَّعت منها الجبال، وهرب أهل البلد