بويع لأربع خلون من شوال، سنة سبع وأربعين ومئتين، وخلع أخويه: المعتز، والمؤيد، وكان أبوهما المتوكلُ عقد لهما البيعةَ، وأخذَ خَطَّيهما بخلع أنفسهما، بعد أن أهانهما، وأخافهما.
وهو أول من عدا على أبيه من بني العباس، وكان يسيء إلى العيال، ويبخل بالمال.
ورأى والدَه في النوم وهو يقول له: ويلك يا محمَّد! قتلتني وظلمتني، والله, لا تمتعتَ بالخلافة بعدي إلا أياما يسيرة، ثم مصيرُك إلى النار، فانتبه وهو لا يملك عينيه، فكان يُسَلّى، وهو لا يسلو، ولما اعتلَّ، أتته أمّه تعوده، فلما رآها، بكى، وقال: يا أماه, عاجلتُ فعوجلتُ، ولم يزل منكسراً إلى أن مات، وكانت وفاته ليلة السبت، لثلاثٍ خلون من شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وأربعين ومئتين، بِسُرَّ مَنْ رأى، وعمرُه خمس وعشرون سنة، وستة أشهر، وكانت ولايته ستة أشهر.
ولما رتَّب المنتصر أسبابَ ملكه، ووضع كل شيء موضعه، فرش له مجلس بأنواع الفرش، وكان في جملة الفرش: بساط حرير، طوله عشرة أذرع، في عشرة أذرع منقوش بأنواع النقوش، وفي وسطه صورة الملك جالس على كرسي الملك، وعلى رأسه سطور مكتوبة بالفارسي، فقال: انظروا إلى من يقرأ هذه السطور التي على رأس الملك، فجاؤوا بمن قرأها، فإذا هي: أنا شيرويه بنُ كسرى، قتلت أبي، فلم أعشْ بعده إلا ستة أشهر، فتطَيَّر المنتصرُ من ذلك، وقام من ذلك المجلس، وأمر