للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليحمل إلى التتر متحصلَ إقطاعاتهم، وصار عسكرُ بغداد دون عشرين ألف فارس، وأرسل ابنُ العلقمي إلى التتر أخاه يستدعيهم، فساروا قاصدين بغداد في محفل عظيم، وخرج عسكر الخليفة لقتالهم، ومقدمهم ركن الدين الدوادار، وانصفُّوا على مرحلتين من بغداد، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزم عسكر الخليفة، ودخل بعضهم بغداد، وسار بعضهم إلى جهة الشام، ونزل هولاكو على بغداد من الجانب الشرقي، ونزل باجو - وهو مقدم كبير - في الجانب الغربي على القرنة قبالة دار الخلافة.

وخرج مؤيدُ الدين الوزيرُ العلقمي إلى هولاكو، فوثق منه لنفسه، وعاد إلى الخليفة المستعصم، وقال: إن هولاكو يُبقيك في الخلافة؛ كما فعل بسلطان الروم، ويريد أن يزوج ابنته من ابنك أبي بكر، وحَسَّن له الخروجَ إلى هولاكو، فخرج إليه المستعصم في جمع من أكابر أصحابه، فأُنزل في خيمة، ثم استدعى الوزيرُ الفقهاء والأماثل، فاجتمع هناك جميع سادات بغداد، والمدرسون، وكان منهم محيي الدين بن الجوزي وأولاده، وكذلك بقي يُخرج إلى التتار طائفة بعد طائفة، فلما تكاملوا، قتلهم التتر عن آخرهم، ثم مدوا الجسر، وعدَّا (١) باجو ومن معه، وبذلوا السيف في بغداد، وهجموا [علي] دار الخلافة، فقتلوا كلَّ من فيها من الأشراف، ولم يسلَمْ إلا من كان صغيراً، فأُخذ أسيراً، ودام القتل والنهب في بغداد نحو أربعين يوما، ثم نودي بالأمان.


(١) أي: اجتاز.