وأما الخليفة، فإنهم قتلوه، ولم يقع الاطلاع على كيفية قتله، فقيل: خنق، وقيل: وضع في عِدْل، ورفسوه حتى مات، وقيل: غرق في دجلة، والله أعلم بحقيقة ذلك.
وكان هذا المستعصم، وهو أبو أحمد عبدُ الله بن المستنصر، ضعيفَ الرأي، قد عَلَتْ عليه أمراء دولته، لسوء تدبيره، تولى الخلافة بعد موت أبيه المستنصر بالله في سنة أربعين وست مئة، وكانت خلافته نحو ست عشرة - سنة تقريباً -، وهو آخر الخلفاء العباسيين ببغداد.
وكان ابتداء دَولتهم في سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وهي السنة التي بويع فيها السفاح بالخلافة، وقتل فيها مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية.
وكانت مدة ملكهم خمسَ مئة سنة، وأربعا وعشرين سنة - تقريبا -، وعدةُ خلفائهم سبعة وثلاثون خليفة.
وحكى القاضي جمالُ الدين بنُ واصل، قال: لقد أخبرني مَنْ أثق به: أنه وقف على كتاب عتيق، فيه ما صورته: أن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بلغَ بعضَ خلفاء بني أمية عنه: أنه يقول: إن الخلافة تصير إلى ولده، فأمر الأموي بعلي بن عبد الله، فحُمل على جمل، وطيف به، وضرب، وكان يقول عند ضربه: هذا جزاءُ من يفتري، ويقول: إن الخلافة تكون في ولده.
وكان علي بن عبد الله - رحمه الله - يقول: أي والله, لتكوننَّ الخلافة في ولدي، لا تزال فيهم حتى يأتيهم العِلْج من خراسان، فينزعها منهم،